بقلم : فاروق جويدة
بينى وبين فصل الشتاء ذكريات كثيرة بين الألم والسعادة، فهو فصل متقلب لا أمان له، وفى فترة من عمرى كنت أحب الشتاء وأرتبط بذكريات عزيزة معه، ولكننى أخشى من تقلباته، وأعترف بأنه فصل الإبداع الجميل، وقد كتبت فيه أجمل قصائدى ومسرحياتي. والشتاء فصل الذكريات، حين يتغير لون السماء أو يهبط المطر أو تجد صدرًا يحتويك، وأجمل ما فى الشتاء دفء المشاعر وسط نوبات البرد الشديدة. وقد عشت لحظات قاسية فى بلاد الجليد حين زرت دول شمال أوروبا: الدنمارك والنرويج وكشمير فى الهند، ولن أنسى جبال لبنان. وأجمل ما فى الشتاء ذكرياته، خاصة إذا كانت مشاعر من الدفء والجمال. والشتاء فى بلادنا بلا ملامح، فلا هو جليد ولا دفء فيه، وإن كان إحساس بالوحشة يسيطر على الإنسان حين يهبط المطر ويتغير لون السماء. أحيانًا تطوف أمامك صورة أشخاص أو بلاد أو ساعات من الزمن تتمنى لو أخذت منها لحظة دفء أو أشواق. إن الشتاء كثيرًا ما يحرك الشجون حين ترى حولك وجوهًا أسعدتك، وتتمنى لو رجع الزمان ورأيت حبيبًا فى ليلة شتوية لا مكان لها فى حياتك. قد لا نحب الشتاء، ولكن أجمل ما فيه ذكرياته ولحظة دفء تحملك بعيدًا، وتتمنى لو عادت، وتدرك أن الأمنيات لا تكفي، وأن ما فات فات، ولم يبقَ غير ليالى الشتاء الطويلة.
يكفيك من الشتاء بعض أطياف مضت، فلا تفكر فى أن تستعيد شيئًا منها، وحاول أن تغمض عينيك، ربما لاح خلف السحاب وجه جميل ذات يوم أسعدك.
أو أن تستعيد مع فريد الأطرش كلمات مأمون الشناوي:
«وادى الشتا يا طول لياليه
على اللى فاته حبيبه»
وما أكثر الأحباب الذين نتمنى عودتهم.