بقلم : فاروق جويدة
أعترف بأن الزمان كان أكثر رحمة، وأن الناس كانوا أكثر ترفعًا، وأن الأخلاق كانت أكثر نبلاً، وأن الرجل كان أكثر شهامة، والمرأة كانت أكثر حنانًا، والأبناء كانوا أكثر انتماء، والحياة كانت أكثر عدلًا وشموخًا وكرامة..
< أعترف بأن الأفق ضاق ولم يعد يستوعب أحلامنا، وأن المسافات لم تعد تقربنا، وأن البعد أصبح يطاردنا وينزع أجمل الأشياء فينا.
< أعترف بأن أشياء كثيرة حولى لا أراها ولا تراني، وأن الوحدة أخذت منى روح المودة والتواصل واللهفة، وأن الليل ثقيل، والنهار لا يؤنس، والأصدقاء غابوا، والأحباب تركوا لى الوحشة.
< أعترف بأننى عشت أحب الغناء وأطرب للعصافير، ولا أحب الظلام، وأرفض أن أخاف من كل ما ينزع منى الأمان، ولا أحب الأحلام المزعجة والصور المخيفة، وأفضل ساعة صفاء وونس تجمعنى مع نفسي.
< أعترف بأننى أفتقد زمنى وأحنّ إلى رفاقي، ويضيق صدرى بالقبح فى أى صورة كان، وما زلت أعيش ذكرياتى وقد صارت أطيافًا، واشتاق قلبى الصغير حين كان يحلم، وتداعبنى فرحة سكنت قلبى وما زلت أعيشها ولا تفارقني.
< أعترف بأن قسوة البشر ترهقني، وأن الزمان الذى عشته ما زال حلمي، وأننى ما زلت أكابر رغم أننى أعلم أن المزاد انفض، ولم يبقَ لى غير الحيرة والألم والسؤال.
< أعترف بأن هموم الناس تؤرقني، وأن جوع طفل جريمة لا تسقط، وأن سجن بريء لعنة، وأن الله خلق الإنسان وخلق معه العدل والحق والجمال، وحين تنكّر الإنسان لما خلقه الله عليه دمرته الكراهية واستباحته أقدام الطغاة، وأصبح مشاعًا للظلم والضلال.
< أعترف بأن الشعر كان يؤنسنى ويفتح أبواب الأمل أمامي، وكان يشاركنى فى الحلم، وكان حبى وغضبى وثورتي، وكثيرًا ما كان قيدى وأحيانًا سجني، سامحونى إذا صرخت.