بقلم:فاروق جويدة
لا أتصور أن نتحدث عن الديمقراطية فى بلد بلا أحزاب، لأن الأحزاب هى المنظومة التى تتشكل فى الشارع بين الناس، أما الأحزاب الفوقية فلا تحقق الهدف منها. ومنذ سنوات عديدة كان فى مصر الوفد بزعاماته وانتشاره وتأثيره فى الشارع، وهو الذى حارب الاحتلال وطالب بحق الشعب فى الحرية. وللأسف، تراجع دور كثير من الأحزاب وفقدت تأثيرها وانسحبت من الشارع، ولا شك فى أن تراجع دور الأحزاب ترتبت عليه نتائج كثيرة، أخطرها ابتعاد الناس عن العمل السياسى وانسحاب النخبة.
وتكررت تجربة الأحزاب الفوقية ما بين هيئة التحرير والاتحاد القومى والاتحاد الاشتراكى وحزب مصر والتنظيم الطليعى، وهى تجمعات لم تقدم شيئًا للحياة السياسية التى تجمدت تمامًا أمام أحزاب فوقية لم يقتنع بها الشارع، ولم يكن لها أى دور فى زيادة الوعى السياسى للأجيال الجديدة التى زهدت فى المشاركة وفضلت الانسحاب. كانت الانتخابات التشريعية أولى ضحايا غياب الأحزاب، خاصة مع زيادة الأعباء والظروف الاقتصادية الصعبة.
لقد عاشت مصر تجارب حزبية حقيقية وقدمت للمناخ السياسى نماذج حزبية ناجحة، ولا شك فى أن مصر، تاريخًا وحاضرًا ومستقبلًا، لا بد أن تشهد ميلاد أحزاب حقيقية.
إن إهمال منظومة تكوين الأحزاب على أسس من العمل السياسى الحقيقى خسارة كبيرة للحاضر، وإهدار لحق الشباب فى صياغة مستقبل أفضل.
إن تجارب مصر الحزبية كانت نموذجًا استفادت به دول أخرى مثل الهند ونيجيريا، وهى جديرة بأن نستعيد مصادر نجاحها لتكون دليلًا للمستقبل نقيم عليه تجاربنا المقبلة.