بقلم : فاروق جويدة
مثل كل الأشياء فى الحياة يبدأ الحب شابًا ثم يمرض ثم يموت ، وتسرى عليه كل تحولات الزمن والعمر.. وكما يبدأ الإنسان شابًا قويًا تعبر عليه سنوات العمر ويبدأ رحلة الخريف؛ يخبو الضوء، ويسافر الشوق، ويختفى مع الأيام الحنين.. وأصعب الأشياء أن تحافظ على الحب ولا تُفرِّط فيه.. إن الإهمال ثم الجفاء ثم القطيعة ثم النسيان، كل هذه الأشياء يمكن أن تتسلل فينا ونحن لا ندرى، ثم نكتشف أن العالم تغير حولنا، وبعد الأشواق والحنين يبدو الجفاء والوحشة، ويصغر الحب وتتغير ملامحه ويبتعد شيئًا فشيئًا، وتتقطع جسور التواصل وتتغير الأماكن، ومن كان يسكن القلب يختفى خلف سحابات البعد والنسيان.. ويكتشف الإنسان أن هناك ضيفًا عزيزًا ترك المكان وهاجر فى زحام العمر واكتفى بالرحيل..
كل الأشياء يمكن أن تتغير وتختفى وتموت، والحب مثل كل الأشياء؛ إن العصافير تهرب إذا لم تجد الدفء والحنان، والقلوب تتغير إذا لم تجد الرعاية، وإذا وجدت أن الحب يختفى وينسحب فى هدوء، حاول أن تراجع نفسك؛ ما الذى تغير؟ أنا أم الظروف؟ أم الزمن الذى تخلى عن الحب؟ أم حبيب سافر فى المجهول ولم يترك عنوانًا؟
الحب مثل كل الكائنات يولد ويكبر ويشرق، وتصيبه أمراض العجز والشيخوخة، يختفى فى حزن ويموت.. وهناك زمان يشعل الأشواق ويحيى الحنين، وأزمنة أخرى تقتل الحب وتكره الحياة..
الحب شجرة نرعاها أو نقطع جذورها فتُصبح فى عيوننا أطلالًا لا نبض فيها ولا حياة. والإنسان خلقه الله وخلق الحب معه، وحين يموت الحب تفقد الحياة أجمل أسرارها.. فلا تفرّط فى حبيب لأنه لا يُعَوَّض..