بقلم : فاروق جويدة
هاجرت إلى أمريكا بحثًا عن حياة أخرى وزمان آخر. كان صديقى يحبها وحاول أن يقنعها بالبقاء ولم ينجح .. كانت قد فشلت فى تجربتها الأولى فى الزواج.. لم يكن صديقى يفكر فى أن يجمع بين زوجتين ، خاصة أن أولاده كبروا ودخلوا الجامعات.. كانت أحيانًا ترسل له رسائل حب تؤكد فيها أنها تفتقد وجوده فى حياتها وأنها تعانى كثيرًا الوحدة والغربة معًا. تركت خلفها فراغًا رهيبًا انعكس على حالته الصحية، فقد مرض وتسللت إلى قلبه المتعب أشياء تطلبت إجراء جراحة فيه.. مرت الأيام وبدأت رحلة النسيان، واستعاد صحته، وعاد القلب المتعب ينبض من جديد.. تخرج الأبناء فى الجامعة وعاد يغرد مرة أخري.
كان الليل قد انتصف عندما دق هاتف البيت، انتفض يرد.. جاءه صوتها الذى غاب عنه سنوات: أنا فى مطار القاهرة.. فى اليوم التالى كان يجلس فى نفس المكان الذى اعتادا عليه على شاطئ النيل.. أمسك بيدها، شعر ببرودة شديدة.. نظر فى عينيها، هناك بريق غاب.. كان الطعام باردًا رغم أنها طلبت نفس الطعام الذى اعتادت عليه من سنوات.. كان الجو باردًا، وكان السحاب يغطى ضوء القمر.. قالت: جئت فى زيارة عمل، ربما أراك.. افتقدت وجودك فى حياتي. .كان الحديث قصيرًا، والجو باردًا، والطعام ينتظر.. صافحته، لم تشعر بحرارة يده.. لم تنم طوال الليل، وهو أيضًا جاءه صوتها، كانت تتحدث من الطائرة: عدت من حيث أتيت وتركت لك رسالة قصيرة:
«العطر عطرك، والمكان هو المكان، واللحن نفس اللحن أسكرنا وعربد فى جوانحنا ، فذابت مهجتان شيء تكسر بيننا، لا نحن نحن ، ولا الزمان هو الزمان»..