بقلم : عبد المنعم سعيد
ليست هذه أول مرة أكتب فيها عن «السيد بعض» الذى لا يعرفه أحد وإنما يأتى دائما على ألسنة المذيعين والمذيعات فى المنصات الصحفية والإعلامية، لكى يدلى بأفكار وموضوعات وقضايا، ونظريات واتهامات، تتحول عند القول إلى قنابل متفجرة. بدأت حياتى الإعلامية فى منتصف العقد الأخير من القرن العشرين فى صحبة الأستاذ عماد أديب وبعد عامين بات لى برنامج تحت اسم «وراء الأحداث» الذى انتهى مع ثورة الربيع العربي. فى كلتا الحالتين لم يكن «السيد بعض» واردا إلا قليلا عندما لا يكون الوقت مسعفا لذكر مصدر وهل هو شخصية سياسية أو كاتب أو تصريح إعلامى من شخصية مسئولة أو تعبير فى بيان لحزب أو هكذا مصادر يمكن التحقق منها والرجوع لها فتحا لأبواب للاقتراب من الحقيقة.
التقاليد الأكاديمية جعلت من «السيد بعض» يستخدم فى أضيق الحدود، ولا يتكرر أمره إلا فى المصائب الكبرى عندما تكون كل الأمور مجهولة. الآن ومع كثرة الأحداث والسرعة الفائقة للأنباء فإن السؤال للمحللين السياسيين بات مفعما باستخدام «السيد بعض» الذى يكثف الحيرة عند الإجابة؛ فالمصدر فى حد ذاته جزء من الخبر يستوجب التقصى والاستنتاج، حيث تكمن القيمة، والثقة النسبية بين المصادر.
أصبح «السيد بعض» محتلا لكلمة سابقة هى «السيدة ربما» وهى كلمة تنطوى على الكثير للشك فيما قبلها أو ما سيأتى بعدها، هى تعطى من يدير البرنامج سواء سيدا أو سيدة نوعا من مساحة البحث عن التأكيد. كانت قناة الجزيرة هى التى أذاعت اللفظ، ولكنه بعد ذلك بات شائعا على ألسنة المبتدئين الذين يضيفون «ربما «كنوع من التميز التليفزيوني.
فى الخليج والمشرق العربى أضيفت كلمة «الحقيقة» التى تبدأ فى مقدمة الكلام أو فى منتصفه وتتردد عدة مرات قبل الصمت. الكلمة تغرى بأن قولا حاسما سوف يأتى تقطع فيه جهيزة قول كل خطيب، ولكن فى النهاية فإن الكلمة تكون نوعا من التغطية على فراغ هائل.