بقلم : عبد المنعم سعيد
الكمال لله وحده لا شريك له. ومهمة الأمم السعى نحو مستقبل أفضل لا يكون إلا بالمعرفة والبناء لأجيالها المقبلة. وخلال السنوات العشر الماضية واجهت مصر تحديات سوف تحكيها عند افتتاح «المتحف المصرى الكبير» كعنوان لهذه المرحلة. البداية كما نعرف كانت فكرة لوزير الثقافة الفنان القدير فاروق حسنى دفع بها إلى المائدة التنفيذية فى مطلع القرن الحادى والعشرين. المشروع كان طموحا ومغالبا للقول المصرى أن يمد الإنسان قدمه بقدر ما يأتيه من غطاء؛ ولكنه كان من الإبهار الذى جذب وكالة «جايكا» اليابانية إلى المساندة وتقديم العون لوضع أساس المشروع. انتهى العقد الأول من القرن، ومع النهاية قامت ثورتان جلبتا اليأس؛ وأذكر أنه فى سبتمبر 2013 وعلى واحد من مقاهى العاصمة الأمريكية واشنطن التقيت الصديق محمود عبد الله الذى أصبح فيما بعد عضوا فى مجلس إدارة المتحف مع رئيس مكتب «جايكا» وآخرين. كان الرجل قد قرر مغادرة المشروع لأنه لم يكن يظن أن مصر بعد ثورتين سوف تفيق قريبا.
قام الجميع بالواجب متحمسين بثورة يونيو 2013 أن المستقبل سوف يكون مساندا للمشروع. وعد الرجل أن ينقل آراءنا، ولم يمض وقت حتى دبت الروح فى المتحف العظيم. وفيما أظن أن الروح التى دبت فى إنشاء المتحف كانت هى التى دبت فى كل شيء آخر. كان التفكير العام فى مصر غالبا ضيقا، له فلسفة توزيعية للثروة المصرية. وعندما نشرت صور المسجد الأكبر والكاتدرائية القبطية فى العاصمة الجديدة، كان هناك من يقول لماذا يأتيان بهذا الحجم ولا يكتفى بما هو أصغر. وكان تعليقى الدائم أن المصريين القدماء لو اعتقدوا فى ذلك لما بنوا معبد الكرنك، ولا أقاموا تمثالا لرمسيس الثانى وزنه 80 طنا. فى عقد هو فى الزمان المصرى صغير جدا، كان القرار هو السير على طريق المشروعات العظيمة ليس للجيل الحالى، وإنما لأجيال قادمة حيث الطموحات تتوالى ولا تنتهى.