بقلم : عبد المنعم سعيد
تصنيف الأمس للمنطقة العربية يدفعنا إلى فهم ما يحدث من خلال منظور النجاح فى بناء الدولة الوطنية من عدمه؛ والفشل فى ذلك يفتح الأبواب لما نراه من دول لديها «رؤية» حول مستقبلها؛ وأخرى لا تزال دائرة فى دوائر العنف والانقسام وتبادل الاتهامات بالخيانة والعمالة فى دوائر «النخبة» السياسية. جذور «الدولة الوطنية» جاء مع الإنسان الأول قائما على قدمين قبل عشرة آلاف عام وأكثر. عاش فى جماعات صغيرة يمكنها التواصل على أسماء الأشياء والأفعال؛ وهو ما يعنى وفق عصرنا وجود «لغة» توافق عليها الناس، وإذا لم يجر التواصل فإن المختلفين، وغالبا من كانوا على الهامش، ينفصلون ويكونون جماعات جديدة؛ أو يرحلون إلى بقاع أبعد. هذه القدرة على التواصل أطلقت طاقات للدفاع وتبادل السلع أو السوق المشتركة وظهور الفنون وتكوين تاريخ مشترك؛ مع جغرافيا مشتركة ترسم الحدود التى توجد عندها بداية الجماعة ونهاية وجودها أو سلطتها. تعبير «الدولة الوطنية» تعبير جديد جاء بعد الثورة الفرنسية، وبعد الحرب العالمية الأولى انتهى عصر الإمبراطوريات العظمى التى كانت تستحوذ على مساحات كبرى من الجغرافيا، وجماعات كثيرة من التاريخ.
«الربيع العربى» كان زلزالا مس دولا ولم يمس أخرى ولكن الجميع أحس به فى «العالم العربى». فى مطلع العقد الثانى من القرن الحالى لا توجد دولة عربية قدمت معجزة خلال العصر الحديث، فلم توجد داخل العالم العربى لا يابان، ولا كوريا الجنوبية، ولا أيا من النمور أو الفهود التى نعرفها. الدولة العربية الوحيدة التى اقتربت من هذا كانت دولة الإمارات العربية المتحدة التى خلقت من نموذج دبى تجربة اقتربت من نموذج سنغافورة وأن تصبح محط أنظار دول أخرى قريبة وصغيرة تحاول الاقتراب منها. الغالبية من الدول العربية صارت بعد الاستقلال دولا ريعية تعتمد على ريع منتج هو النفط والغاز، ومثل مصر تعتمد على حزمة صغيرة من المنتجات مثل النفط والسياحة وتحويلات العاملين فى الخارج وقناة السويس.