بقلم : عبد المنعم سعيد
إذا كان العالم يتغير خلال أسبوعين فإن المزاج العام يتغير هو الآخر؛ ولا يوجد قدر الإعلام من لديه الحساسية لهذه الحالة التى تشحذ لها العقول وتشحن فيها العواطف، وهو ما ينتج الحشد فى المتابعة الإخبارية والتحليلية. كان نصيبى فى هذه الحالة كما حدث فى مرات سابقة دعوة قناة العربية الإخبارية لتغطية زيارة الرئيس ترامب للسعودية والإمارات وقطر. وبكفاءة عالية جرى ترتيب الأمور اللوجستية، ووجدت نفسى فى الرياض بعد أكثر قليلا من عام كنت فيها مشاركا فى مؤتمر الأكاديميين والتنفيذيين الذين يتعاملون مع مشكلات المنطقة والعالم. بدأت الدهشة بمجرد خروجى من المطار الذى لا يحتاج البقاء فيه أكثر من سبع دقائق، تقضى نصفها فى انتظار الحقيبة. وبالنسبة لمن يتابع حالات الإصلاح والتغيير فى العالم العربى فإن «اللقطة» الأولى للمدينة هى الانقلاب الشامل فى كل شيء التى تركتها قبل عام وهى تتأهب لطفرة عمرانية، فإن ذلك بات حقيقة مكتملة ومبهرة، تجعل هدف اللحاق وأحيانا التفوق على عواصم عربية وغربية متاحا. ما جرى فى الرياض يحتاج حديثا آخر؛ ولكن ما يهمنا هنا هو أن العاصمة العربية كانت تستعد للحظة تاريخية!
خلال أيام قليلة كان المناخ النفسى فى العالم يتغير، رياح التفاؤل باتت أكثر ثقة بالنفس من قبل، وتوالت أحداث لم يكن متوقعا أن تحدث إلا فى أكثر الأحلام جنونا. وفى مقال لى قبل أسبوع بعنوان «الانفجار العالمي» كان التشاؤم بسبب الصدام الهندى الباكستانى غالبا. كان ذلك أول الأخبار التى تنقل احتمالات الحرب النووية إلى وقف إطلاق النار؛ وبعد التهديد والوعيد إلى التفاوض، وفتح قنوات المياه بين الطرفين. الحرب الأوكرانية التى باتت فيها أحلام ترامب بحلها تليفونيا محض أحلام تنهيها اليقظة؛ ولكن الفاتحة كانت موافقة موسكو وكييف على لقاء بين بوتين وزيلينسكى فى إسطنبول يحتم وقف إطلاق النار وبدء المفاوضات. فى حرب الشرق الأوسط كانت المفاجآت لا تقل إثارة!.