بقلم : عبد المنعم سعيد
أصبحنا الآن فى مواجهة عالم صعب حيث التطور التكنولوجى يأخذ البشرية كلها إلى ساحة جديدة من التنافس أو الخصومة أو الصراع؛ وحيث تزداد الأعباء على مصر فى منطقة خرجت عن عقلها، وفى الحالة الإسرائيلية فإنها وصلت إلى الجنون. الواقع هو أن مصر تبذل أكثر مما تستطيع لكى تعيد الواقع المضطرب إلى حالة هادئة؛ وفى الماضى كان ذلك اتجاها نحو عدم الانحياز والحياد الإيجابي؛ لكن العالم تغير. وهناك اتجاه من ليس معنا فهو علينا؛ ولكن - وللحق - فإن القيادة المصرية عرفت كيف تسير مراكبها بحكمة؛ وبينما علاقتها بالولايات المتحدة علاقة «استراتيجية» فإن علاقاتها مع الصين فى الجوهر لا تقل استراتيجية. تأثير كل ذلك على مصر يقتضى نظرة فاحصة لهذه التطورات ومتابعتها لكى نحدد موقعنا فى عالم بات أكثر تعقيدا من أى وقت مضي.
ونفعل ذلك أولا بجمع المعلومات التكنولوجية من مصادر الدول المختلفة. وثانيا أن هذا التعقيد والتركيب فى العلاقات الدولية يحتم ويعطى مصر الفرصة فى المجال الإقليمى لاستخدام الفترة الزمنية الحالية لتحقيق الاستقرار فى المنطقة وبناء تحالفات وأرصدة من الحركة السياسية والدبلوماسية تعزز من القدرة المصرية فى المجال الدولي. وثالثا أن الموقع «الجيو اقتصادي» المصرى بين بحرين مع قناة السويس يعطى مصر مجالا لربط منطقتين بالغتى الحساسية للتحركات الدولية وهى شرق البحر المتوسط وشمال البحر الأحمر وصولا إلى مضيق باب المندب ومن بعده المحيط الهندى والساحل الأفريقي. ورابعا أن المرجح هو أن أهمية قناة السويس رغم ما حدث لها من الحوثيين سوف تتزايد خاصة مع التعرف على مواصفات الغواصات الجديدة واستعداد مصر التعامل معها سواء من حيث المرور والتأمين خلال فترة العبور. وخامسا أن التوازن الواجب فى المجال الدولى يتطلب خلق توازن إقليمى لا تنفرد فيه قوى «المقاومة والممانعة» بالمصير المصرى والعربي. وسادسا أن مجال العلم والتكنولوجيا سوف يظل مفتاحا للمكانة والتنمية؛ كما أنه ساحة واسعة للتعاون الإقليمي.