بقلم: عبد المنعم سعيد
العقد الأول من القرن الحادى والعشرين كان الزمن الذى تورطت فيه الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط بعدما طل عليها بالعمل الإرهابى الذى قام به تنظيم «القاعدة». الفكر الأمريكى الذى جرى وقتها تجاه الشرق الأوسط ليس فيه عقدة واحدة تخص الصراع العربى الإسرائيلى التى ركزت عليها إدارتا جورج بوش الأب و فترتا حكم كلينتون؛ وإنما هناك ما هو أكثر الذى يخص الأوضاع الاستثنائية فى دول المنطقة التى عجزت عن اللحاق بالعولمة التى لحقت بها دول العالم. النتيجة كانت غزو كل من أفغانستان والعراق؛ والقيام بعمليات سياسية تجاه الدول الباقية تبناها اتجاه «المحافظين الجدد» لتغيير النظم السياسية فى الإقليم.
العقد الثانى من القرن أصبح موضوعه الخروج من الشرق الأوسط كلية وهو الذى بات عصيا على التغيير وسط دهشة إدارتى أوباما، وترامب الأولي؛ حتى جاء بايدن ووضع نهاية الوجود فى أفغانستان وتسلمها تنظيم «طالبان» الذى كان يحكمها قبل عشرين عاما. ولكن فترة الخروج لم تطل، وفى 7 أكتوبر 2023 انفجر الشرق الأوسط مرة أخرى وأصبحت أمريكا فى قلب الأحداث الإقليمية.
يقال فى مراكز بحوث واشنطن إنه ما لم تذهب الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط فإن الشرق الأوسط يأتى إليها من باب إسرائيل وصراعها مع العرب والفلسطينيين والإيرانيين وجماعات مسلحة متعددة الجنسيات. يضاف إلى ذلك أبواب ونوافذ أخرى تتمثل فى النفط وأسعاره وأمواله وتأثيره على الاقتصاد العالمي، والإرهاب الذى لا يقبل الاستئصال الكامل؛ والخطر النووى الذى طل من طهران وبات لازما استئصاله، وبعد أن استعصت النظم السياسية على التغيير فإن احتياجاتها زادت للحفاظ على الاستقرار. لذلك كله عادت أمريكا إلى الشرق الأوسط، رغم مزاحمتها من قبل احتياجات الحرب الأوكرانية.
هذه المرة فإن الولايات المتحدة باتت تعرف أنها لا تستطيع التخلص من المنطقة، خاصة أن زيارة ترامب الأولى فى هذه الفترة لمنطقة الخليج طرحت فرصا كثيرة يمكن انتهازها. أصبحت أمريكا دولة شرق أوسطية.