بقلم : عبد المنعم سعيد
لا شك أن الدولة المصرية بذلت جهودا لإصلاح النظام الإدارى للدولة من حيث تخفيض عدد العاملين؛ فضلا عن تحسين الإجراءات الإدارية والتسريع بها؛ وخلال المرحلة القادمة ومع نضج تجربة العاصمة الإدارية واتجاهات «الرقمنة» للحكومة فإن مزيدا من التحسينات للبيروقراطية سوف يتوالى. ولكن ذلك لن يزيد على إضافات كمية للقدرات، أما تلك النوعية المسببة لانطلاقات كبرى تضيف للقدرة التنافسية المصرية، فإنها تظل مؤجلة حتى يمس السحر التنموى المحليات المصرية. والحقيقة أن نصوص الدستور المصرى فيها ما يشعل الملكات الاستثمارية والفكرية الخاصة بكل محافظة من 27 تقسيما إداريا؛ ومثل هذا يضيف ولا ينقص من المخطط الاستراتيجى لمصر 2050 الذى وضعته الهيئة العامة للتخطيط العمرانى. الدستور فى الواقع أخذ اتجاهات تقدمية ومرنة تكفل تعبئة الموارد وإشعال الحماس المحلى للبحث واكتشاف واستغلال الثروات الكامنة جاء وقت الاستفادة منها وانطلاقها.
المادة 176 من الدستور تتحدث عن دعم الدولة للامركزية الإدارية والمالية والاقتصادية حيث يكون للوحدات المحلية «موازنات مالية مستقلة» تحصل من الدولة على ما تستطيع، ولا تمنع توليد الموارد المحلية حسب قدرات المحافظة البشرية والمادية الموجودة فى نطاق المحافظة. المواد 179و180و183 تكفل للقانون أن ينظم شروط وطريقة تعيين «أو انتخاب» المحافظين؛ وتعطى لكل وحدة إدارية مجلسا شعبيا بالاقتراع السرى المباشر؛ وقراراته فى حدود اختصاصه نهائية؛ ولا يجوز حله بإجراء إدارى شامل. الدستور فى الحقيقة فيه الكثير من التفاصيل التى تتيح زيادة الكفاءة التى ترفع عن الحكومة المركزية الكثير من الأعباء؛ وتفتح الأبواب لانتهاز فرص استثمارية لا يكتشفها ولا يرضى عنها إلا سكان المحليات نفسها. التأخير فى تطبيق هذه المواد الدستورية يمكن تفهمه فى إطار التحديات التى واجهتها وتواجهها مصر؛ ولكن التأخر فى تطبيقها يحرم مصر من «تشغيل التغيير» الذى جرى فى جميع محافظات مصر، حيث اتسعت النخب السياسية، خاصة من الشباب، والشباب المتعلم فى الجامعات المتقدمة التى أنشأتها الدولة فى محافظات مصر.