بقلم - أسامة الرنتيسي
الأول نيوز – بكل الهواجس الطيبة تمنيت أن يكون ما قالته وزيرة التخطيط والتعاون الدولي زينة طوقان صحيحا، وأقبل أن يكون نصفه في أقل تقدير.
تقول طوقان: إن مستهدفات رؤية التحديث الاقتصادي هي مليون فرصة اقتصادية، ومضاعفة النتاج المحلي الإجمالي إلى نحو 5%.
مليون فرصة يا طوقان ؟!، طولي بالك علينا شوي، فقد سمعنا قبل سنوات ومن رؤساء وزارات عن عشرات المليارات الآتية للاستثمار في البلد، ولم نر شيئا.
وتبشرنا طوقان أن “نسبة النمو الاقتصادي بلغت 2.7% وهو مؤشر إيجابي نسعى لزيادته”، أنا ( أعوذ بالله من كلمة أنا) مصدق معاليها جدا، بس يا ريت أم طلال من ماحص تصدق هذه النسبة، أو ابو صالح بائع القهوة وسط عمان يقتنع أن هناك تحسنا إيجابيا، وأن يرى طارق الكهربائي في شارع الاردن آثار هذه الزيادة التي تتحدث عنها معاليها.
طبعا؛ عن كلام الإنشاء الذي تحدثت عنه معاليها وقالت “إن التكاملية مع القطاع الخاص ستكون عاملا أساسيا في الوصول لمستهدفات رؤية التحديث الاقتصادي التي تم وضعها في عام 2022” فلا أريد التعليق وأترك الأمر لرجالات القطاع الخاص للتعليق على هذا الكلام الذي سمعنا مثله مئات المرات ولم نر تطبيقا عمليا له.
هناك “شيء غلط” يحدث بيننا، نحتاج نتيجته إلى تغييرات تصيب معظم بنيان حياتنا، ومرافق عمل الحكومة ومؤسسات الدولة ورجالاتها، كما يصيب مجمل الحياة السياسية الرسمية والشعبية، والأهم الاقتصادية قبل ان يصطدم الناس بالحيط أكثر من ذلك.
حالة من القلق الشديد ترتسم ملامحها على وجوه العامة، وحالة من الاضطراب على وجوه الرسميين، وقلق وجودي لدى الاقتصاديين وأصحاب المؤسسات الخاصة.
في البلاد حالة اقتصادية مرعبة ومستعصية، لا تصدقوا الأرقام الرسمية، التي تخرج من أفواه المسؤولين، ما عليكم سوى متابعة عدد الشركات المتعثرة، والمؤسسات التي لا تدفع رواتب موظفيها، والتسريحات بالجملة من المصانع والشركات، والديون وفوائدها التي تثقل كواهل مؤسسات رسمية وشبه رسمية، إضافة الى فوائد ديون الدولة المرعبة أكثر.
في البلاد أيضا فساد عام في منظومة الأخلاق، فهناك من يحمل السلاح ويدافع عن سارقي المياه، وهناك من دافع يوما عن طلبة توجيهي غشّاشين، وهناك أشخاص مسجلون على أطر عدة وظائف في الوقت نفسه، يتقاضون منها رواتب وتنفيعات، ويتحدثون عن الأخلاق.
هناك مسؤولون مؤبّدون في مناصبهم، في مؤسسات رسمية وشعبية، يحتاجون الى وقوع زلزال حتى تتحرك الكراسي من تحتهم، فهم لن يغادروها إلا إلى المقابر، لأنهم لا يؤمنون بتجديد الدماء، وتقلّب السنوات، وسُنّة الحياة.
نحتاج الى معالجات جذرية للواقع الذي نعيش، وليومياتنا الغريبة، التي أصبحت عنيفة وخشنة وفيها جرائم قتل واعتداءات لم يتعود عليها مجتمعنا، حتى نضمن أن لا نسير نحو المجهول.
الدايم الله…..