بقلم - أسامة الرنتيسي
الأول نيوز – أصبح لدينا محترفون في سياحة المؤتمرات، تراهم في كل مؤتمر، حقائبهم جاهزة، ومداخلاتهم مطبوعة تصلح لكل مكان وزمان، يعشقون ردهات الفنادق، وحوارات الطرشان في اللوبيات، يتفننون في وصف البوفيهات المفتوحة، ويرتبون بينهم للمؤتمرات التي سيدعون لها سنويا.
عندما تقع كارثة، يحزمون حقائبهم انتظارا لدعوات تتقنها السفارات، قوائمهم ثابتة، ولا يسقط اسم أحدهم إلا عند الوفاة.
سياح المؤتمرات، وصف أخذ حيزا كبيرا حتى في صناعة السياحة وعند من يتقنها.
يتباهون بكثرة الأختام على جوازات سفرهم، ويروّجون لأنفسهم أمام الإعلام وممثلي الفضائيات لاستضافتهم.
يحللون بالشرق والغرب، ويعطون كل وسيلة إعلام ما تريد، ليحفظوا حضورهم في المؤتمرات الأخرى.
يتسابقون على التحرش بالفتيات، وهنّ للدقة عجائز، أكل الدهر عليهن وشرب، وكما يقول أحد الصعاليك (عداداتهم مقلوبة)، وإذا وجدوا صبية في وجهها حُسن وجمال، يلتفون حولها، بابتسامات مفتعلة، وخفة دم مكشوفة.
كروتهم في جيوبهم، وعناوينهم وأرقام هواتفهم بارزة، والأكثر جرأة يضع رقم غرفته في الفندق على الكارت.
آخر إبداعاتهم من الكتب الرديئة، بشنطهم المحمولة على الكتف، (كجزء من اكتمال صورة الثقافة والمثقفين)، متوفرة لتقديمها هدية لأي صيد ثمين أو غير ثمين، مع كتابة إهداء فيه دعوات للتعرف والعلاقات المستقبلية، وإذا فتح الله على قريحة أحدهم يبدأ بتلاوة شعر ركيك يسقط أمام أية سيدة مثقفة وواعية.
يحضرون الجلسات بالعمامات والعكاكيز، وبدلات التنكر. وبعد أن يكون التسوق والسهر قد أنهكهم، يجدون قاعات المؤتمر وجلساته فرصة لأخذ قسط من الراحة، والنوم العميق.
تابعوا القمة الأميركية الخليجية وشاهدوا ضيوف الفضائيات والمحللين، هم أنفسهم الذين سيكونون في قمة بغداد العربية، وهم أو بعضهم كانوا في قمة القاهرة، وإذا استرجعتم قمم طهران العديدة لدعم وصمود المقاومات العربية التي شاخت كثيرا، فستجدون السحنات، ذاتها والمشايخ ذاتهم.
قبل سنوات التقط مصور فذ صورة لمشاركين في مؤتمر إسلامي دعما لغزة واحتجاجا على العدوان البشع معظمهم نائمون يغطون في سبات وأحلام.
يومها علقنا على الصورة وقلنا “لا تحتاج الصورة إلى تعليق، حول حجم الدعم والمؤازرة التي حصل عليها الغزيون من المشاركين في هذا المؤتمر”.
أتعرفون الآن لِمَ تَبْقَ قرارات القمم والمؤتمرات حبرا على ورق؟!
الدايم الله…