بقلم : أسامة الرنتيسي
تخيلوا أن الرجل الذي أوقف سكان العالم على رؤوس أصابعهم في السنوات الأخيرة، يقود دولة فاسدة تمارس الإبادة والتجويع والتدمير، ولا يلتفت لأي عقاب من أي جهة دُولية يمارس الفساد عينك عينك.
لا بل تجرأ رئيس حكومة الاحتلال المتطرفة بنيامين النتن ياهو، على أن قدّم طلبا إلى رئيس الكيان الصهيوني يتسحاق هرتسوغ، بالعفو عنه من تهم فساد تشمل الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، التي يحاكم بسببها.
تزخر أدبياتنا العربية بالمقالات والتحليلات الواسعة عن الفساد الذي ينخر الكيان الصهيوني، وتفرد الصحافة الإسرائيلية صفحات عديدة تستعرض فضائح الفساد التي ألَمَّت بالدولة العبرية في السنوات الأخيرة، بحيث أصبح الفساد ظاهرة شبه عامة في الكيان الإسرائيلي، وذلك على الصعيدين السياسي والعسكري.
فبعد قضايا الفساد 2000 و 1000 المرفوعة ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بدأت الشرطة تحقيقا جديدا في ملف فساد قد يكون الأخطر من نوعه على نتنياهو.
الملف الجديد يحمل رقم 4000، يفضح ارتباط نتنياهو بشاؤول أولوفيتش صاحب موقع “واللا” الإلكتروني الأكثر شهرة في إسرائيل، الذي يروج أخبار النتن ياهو وسياساته.
وما حدث مع رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت ما هو إلا غيض من فيض، وما حدث مع الرئيس الإسرائيلي الأسبق عيزر فايتسمان قصة أخرى.
لقد طال الفساد رموزا كبيرة في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية ذاتها، كما وضح أثناء حرب تموز في عام 2006، فبينما المعارك تدور كان هناك مجموعة من الجنرالات الصهاينة يتابعون مصالحهم الشخصية في السوق المالية والأسهم.
هذا الكيان القائم على العنصرية والحقد، كيان احتلالي استعماري، كيان يدق طبول الحرب، كيان لا يمكن إلا أن يلد ظواهر فساد كبيرة، فالساسة والعسكريون في هذا الكيان الغاصب بحاجة لدولارات الفساد قدر حاجتهم لبنادق تكرس الاحتلال وتغذي العدوان.
أولمرت ليس رئيس الوزراء الوحيد الذي طاله التحقيق في قضايا فساد، فمجرم الحرب أرئيل شارون تم التحقيق معه حول قضايا فساد، ومنها ما هو متعلق بأحد أبنائه، وتم التحقيق مع نتنياهو وقديما مع إسحق رابين، وتم التحقيق أيضا مع وزراء مثل صاحي هانجبي وإسحق مورداخاي. وأفلت عدد من السياسيين حتى الآن من التهمة والإدانة، بينما دفع بعضهم الثمن مثل رئيس الدولة الذي اضطر إلى الاستقالة ووزير الدفاع الذي لحقت به إهانات حولت حياته إلى جحيم.
في إسرائيل تنتشر العصابات السفلية والفوقية، تهتم العصابات السفلية بقضايا تهريب المخدرات والاعتداء الجسدي والاتجار بالنساء وتبييض الأموال والسرقات المالية وغير المالية. أما العصابات الفوقية فتهتم أساسا بما يسمى عربيا بالإكراميات وتبادل المصالح والمحسوبيات والوساطات والرشوة.
لن تصلح، وتصمد اي دولة في العالم اذا كان الفساد ينخرها، ولا يفكك الدول وينهي شرعيتها إلا الفاسدين والحرامية.
الدايم الله…..