بقلم : أسامة الرنتيسي
لن يجد الفلسطينيون فسحة لذكرى 77 عاما على النكبة الأولى، ففي السنوات الأخيرة مرت على الفلسطينيين نكبات ونكسات كثيرة لا تعد ولا تحصى.
في نكبة فلسطين الأولى ارتكبت قوات الاحتلال الصهيوني 250 مذبحة في الشعب الفلسطيني الأعزل، وفي أيام ما بعد 7 أكتوبر يرتكب الاحتلال مئات بل يرتكب يوميا عدة مجازر لا يتوقف فيها الدم الفلسطيني عن النزف، وتمارس الإبادة الجماعية بشتى الطرق.
حتى في اليوم الذي استقبلت فيه دولة قطر (الحاضنة الأولى لقيادة حماس والمفاوض الأول في جولات التفاوض لوقف العدوان) الرئيس الأميركي ترامب ارتكبت قوات الاحتلال الصهيوني مجازر في غزة وصل عدد الشهداء إلى أكثر من 80 شهيدا غير عشرات أو مئات الجرحى.
لم تمر ويلات ونكبات ومجازر على الشعب الفلسطيني طوال مدة الاحتلال البغيض مثلما تمر عليه الآن، على مسمع ومرأى من العالم الذي لا يفعل شيئا لوقف هذه الإبادة سوى دعوات قليلة من قادة يدعون فيها لوقف هذا العنف والقتل والاجرام.
17 ألف حالة اعتقال نفذتها قوات الاحتلال في الضفة منذ بدء الإبادة، فما الفائدة من مطلب الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين الذين يقبعون في سجون الاحتلال سنوات طوال.
لقد وصل عدد الغزيين الذين بترت أعضاء من أجسادهم 4500 إنسان بينهم 800 طفل و450 سيدة طوال حرب الإبادة التي قام بها الكيان الصهيوني عليهم حتى نهاية 2024، لم تحصل في التأريخ البشري.
شعب غزة الفلسطيني الذي نزح 97 % منه من بيوتهم منذ بداية العدوان حسب الأمم المتحدة، فإن 9 من كل 10 أشخاص في غزة نزحوا مرة واحدة في الأقل، وفي بعض الحالات 10 مرات.
عالم لا يحاسب مجرمي الحرب الذين يقطعون الماء والكهرباء والطعام والدواء عن مليوني ونصف المليون غزي، عالم ليس لنا فيه حياة.
اكتشف الغزيون أن كل مناداتهم القديمة/ الجديدة “يا عرب.. ويا مسلمين..” صرخات في البرية، وأن صرخات الغربيين في بعض الشوارع كانت تسمع أكثر من الصرخات في الشوارع العربية، وأن الحكومات الغربية التي تدعي حقوق الإنسان لا تختلف عن حكومات الدول العربية التي لا تعترف بالإنسان وحقوقه.
هكذا.. تتضور غزة جوعًا كما تتلظى الكرامة العربية على أبواب التأريخ المعاصر.. فمن لغزة ينقذها ويجفّف دموع أهلها، ومن للتأريخ يكتبه بقلم ذي حبر أسود لا بدماء الغزيين الذين يهدون القبور كل يوم شهداء ولم ولن يركعوا طوال العدوان الصهيوني وبطشه إلا لله.
في أجواء النكبة الفلسطينية المستمرة منذ 77 عاما، تأتي ذكراها هذه الأيام بطعم مختلف، فالشعب الفلسطيني يخوض حربا بدمه فيُستشهد أكثر من 55 ألفا وربما أكثر من نصف هذا العدد لا يزالون تحت ركام بيوت غزة المدمرة.
الدايم الله…