إيران النظام في متاهة

إيران... النظام في متاهة

إيران... النظام في متاهة

 العرب اليوم -

إيران النظام في متاهة

بقلم - مصطفى فحص

تواجه طهران معضلة الرد على اغتيال مهندس مشروعها النووي محسن فخري زاده، فهي أسيرة معادلة كبلتها بعد اغتيال مهندس النظام وحارسه قاسم سليماني، فمنذ اغتياله ومروراً بالضربات الموجعة لأهداف حيوية في إيران وسوريا والعراق وصولاً إلى فخري زاده، أدركت طهران أن موازين القوة ليست في صالحها، وسلمت بأن الرد أقرب إلى الانتحار وليس الانتقام، فقررت تجنبه حتى لو كان عدم الرد بمثابة الهزيمة، فهي مستعدة لتقبلها كما تقبلت سابقاً تجرع كأس السم، لأن أولوياتها في هذه المرحلة الأميركية الانتقالية تخفيف فاتورة الخسائر وتجنب أي فعل انتحاري، هذا القرار يستدعي براغماتية سياسية مستندة إلى غطاء عقائدي يؤمّن مخرجاً شرعياً للنظام في محنته عبر تبنيه لمعادلة وصفتها طهران بالصبر الاستراتيجي.
بعيداً عن تصريحات القادة الإيرانيين وتوعدهم تل أبيب وواشنطن برد مؤلم على عملية اغتيال فخري زاده، فإن واقعية النظام الإيراني في التعامل مع هذا المأزق واستيعابه واضحة، حيث من المستبعد أن يذهب إلى أي نوع من أنواع المواجهة المباشرة أو غير المباشرة عبر الوكلاء لا مع واشنطن ولا مع تل أبيب، ولا في سوريا ولا في لبنان ولا حتى في العراق، الذي قد تتعرض فيه حكومة مصطفى الكاظمي إلى ضغوط سياسية وعرقلة في عملها لن تصل إلى حد إسقاطها، وحتى خيار القصف المباشر للسفارة الأميركية في بغداد أو لقواعد أميركية سيكون مستبعداً في هذه المرحلة، لأنه سيعيد إلى أذهان العراقيين والإيرانيين ردة الفعل الأميركية التي أدت إلى اغتيال سليماني والمهندس، وهذا ما دفع قائد فيلق القدس الجنرال إسماعيل قاآني إلى الضغط على كل الفصائل بتجنب الاحتكاك الخشن مع الأميركيين حتى لا تحصل إدارة ترمب على ذرائع تستخدمها لرد قاسٍ قد يكون هذه المرة داخل الأراضي الإيرانية.
ومع استبعاد العمل العسكري الإيراني الانتقامي خلال نهاية ولاية الرئيس ترمب، فإن الأرجح أن تلجأ طهران إلى تحدي واشنطن والمجتمع الدولي خصوصاً مجموعة 5+1 عبر الاتفاق النووي، حيث ستقوم حكومة حسن روحاني بتنفيذ القرارات التي صدرت عن مجلس الشورى في أول جلسة له بعد اغتيال محسن فخري زاده، وتقوم بتخليها الكامل عن التزاماتها النووية، من دون أن تعلن عن انسحابها من الاتفاق رسمياً، وترفع تخصيب اليورانيوم إلى مستوى 20 في المائة، وتعيد تشغيل منشأة أراك النووية للماء الثقيل، إضافة إلى وقف عمل مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وهذا ما يؤيده «الحرس الثوري» وقادة النظام، وأكده وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي في حديث لوكالة «يونيوز» بأن بلاده ستسرع وتيرة البرنامج النووي بعد اغتيال فخري زاده.
معضلة طهران في صبرها الاستراتيجي أنها باتت مكشوفة في اكتفائها بإطلاق التهديدات وتجنبها الرد المباشر وربطه في المكان والزمان المناسبين، ما قد يدفع واشنطن ومن خلفها تل أبيب في الأسابيع الأخيرة من ولاية الرئيس الأميركي ترمب إلى القيام بمزيد من الضربات، بهدف استفزازها، لكي تُستدرج إلى مواجهة استراتيجية تنتهي بتجريدها من كل أوراقها التفاوضية مع الإدارة الجديدة، خصوصاً أن خيار الرد سيسحب نهائياً ولا يمكن التلويح به مع تسلم جو بادين السلطة في واشنطن، ولكن في المقابل لا توجد ضمانات بأن تتوقف تل أبيب عن استهداف منشآت حيوية إيرانية، فتل أبيب أيضاً معنية في اختبار نوايا إدارة جو بايدن وكيفية تعاملها مع ملف إيران النووي.
حتى 20 يناير (كانون الثاني)، سيزداد قلق طهران من أن تخسر كل أوراقها التفاوضية التي يمكن أن تقايضها مع الإدارة الأميركية الجديدة، خصوصاً أن الرئيس حسن روحاني الذي يراهن على مفاوضات بناءة مع إدارة بايدن قد ينجح في إقناع واشنطن بالعودة إلى الاتفاق النووي، مقابل تعديل بعض البنود في الاتفاق، يحتاج إلى خطوة أميركية إيجابية على مستوى العقوبات تساعده في إقناع نظامه بالانفتاح مجدداً على واشنطن.
المقايضة بين الطرفين صعبة، فطهران مقابل عودتها إلى الالتزامات النووية تطالب بعودة واشنطن إلى الاتفاق النووي وإلى رفع العقوبات، وهذا ما يبدو مستحيلاً في ظل توازنات القوة والتغيرات التي قد تتركها إدارة ترمب في المنطقة قبل رحيلها، والتي ستُعقد عمل الإدارة الجديدة.

 

arabstoday

GMT 12:32 2025 الأحد ,08 حزيران / يونيو

أي رسالة إسرائيلية للعهد بعد غارات الضاحية؟

GMT 08:40 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 06:34 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المصريون والأحزاب

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران النظام في متاهة إيران النظام في متاهة



رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 11:42 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت
 العرب اليوم - تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 02:04 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاق سعودي - باكستاني على إطلاق إطار تعاون اقتصادي
 العرب اليوم - اتفاق سعودي - باكستاني على إطلاق إطار تعاون اقتصادي

GMT 10:01 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو سعد يوجّه رسالة لمنة شلبي ويكشف عن مفاجأة
 العرب اليوم - عمرو سعد يوجّه رسالة لمنة شلبي ويكشف عن مفاجأة

GMT 01:56 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس السوري أحمد الشرع يجتمع بمسؤولين سعوديين في الرياض

GMT 09:50 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

نوارة الغزاوية... وفلسطين الدُمية

GMT 08:03 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

النفط يصعد بعد تراجع مخزونات الخام الأميركية اليوم الأربعاء

GMT 02:04 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاق سعودي - باكستاني على إطلاق إطار تعاون اقتصادي

GMT 14:47 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ساناي تاكايتشي تستعد لترشيح ترامب لجائزة نوبل للسلام

GMT 10:01 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو سعد يوجّه رسالة لمنة شلبي ويكشف عن مفاجأة

GMT 12:49 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ترامب يمتدح إيلون ماسك بعد خلاف طويل ويؤكد حبه الدائم له
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab