لقد أطفأوا بيروت لؤلؤة المتوسط

لقد أطفأوا بيروت لؤلؤة المتوسط

لقد أطفأوا بيروت لؤلؤة المتوسط

 العرب اليوم -

لقد أطفأوا بيروت لؤلؤة المتوسط

بقلم - مصطفى فحص

في المنزل أضاءت والدتي سراج «الكاز» بعد انقطاع كامل للكهرباء استمر أكثر من 10 ساعات، فقد وصلت تغذية الدولة بالكهرباء إلى مستويات صفرية، أما القطاع الخاص، أي مافيا المولدات، فقد توقفوا عن تزويد زبائنهم بالكهرباء بعد شح في مادة المازوت التي فُقدت من الأسواق لأسباب عديدة؛ أبرزها التهريب إلى سوريا. والتهريب إلى سوريا له وجهان؛ الأول زيادة في أرباح المستوردين الذين يبيعونه بضعفي سعر الأسواق المحلية، وأما الثاني فهناك مَن يعتبر التهريب جزءاً من العمل «المقاوم»، كما جاء على لسان أحد محتكري ثقافة «المقاومة».
أعادتنا أمي بالذاكرة إلى سنوات الحرب الأهلية، حينها اعتدنا العيش بما تيسر، لكنها بالأمس أيقظت خوفنا الجماعي، رفعت منسوب القلق المستشري في يومياتنا التي تبدل شكلها وطعمها، وانحصرت في كفاح يومي من أجل البقاء، والحفاظ على ما تبقى من أنفاسنا لنبقى أحياء في جمهورية الأنبياء الجُدد ودعاة الصبر والبصيرة، لكن بصيرة والدتي كانت أكثر حذاقة وأضاءت سراجها حتى لا تقبع في ظلام أصحاب البصيرة.
بالأمس كانت والدتي تضرب كفاً بكف، ترثي حالنا، تسأل عما سوف يكون، وعمن سوف يكون، عن نهاية ما لحكاية سقوطنا الطويلة وموتنا العلني، عن فائض الخوف وهواجس ترحال حتمي. كانت شظايا القلق تضرب تفاصيل حياتنا، لكن التفصيل المُوجع أن كل شيء من حولنا كان مظلماً؛ البيت العمارة الشارع المقهى المدرسة الجامعة المشفى البشر والحجر، وعلى الجهة المقابلة للشرفة، حيث جلس أفراد عائلتي هرباً من الحر والعتمة، كان الخطيب في مجلس العزاء يدعو الناس إلى تعلم الصبر من عطش أصحاب الحسين الذين لم يتركوه، لكنه نسي أن الحسين أيضاً كان مثل أصحابه عطشان.
في الطريق السريع إلى الانفجار العام أو الانتحار الجماعي أو الاصطدام الكلي، استنفد اللبنانيون مخزون الصبر، ولم يبصروا أضواء مدنهم وقراهم وحاراتهم، ففي يوم استثنائي في مأساته، لم تكن بيروت لؤلؤة المتوسط وحدها مطفأة، بل كان لبنان من شماله إلى جنوبه شبه مطفأ، إلا بيوت الحاكمين كانت تضج بالكهرباء والحرس ووسائل التبريد وجودة الحياة، ومن حاول الاقتراب منها تعرض لعقاب وقسوة لم تراعِ حتى أحزان أهالي ضحايا المرفأ الذين احتشدوا أمام منزل أحد صناع فاجعتنا، ففجعوا بما أصابهم، وكأن بمحمود درويش يقف في تلك اللحظة بينهم ويطرح تساؤله «هل يدافع حارس جائع عن دارٍ سافر صاحبها، لقضاء إجازته الصيفية في الريفييرا الفرنسية أو الإيطالية... لا فرق؟ قُلْتُ: لا يدافع»، لو كان درويش حياً لغيّر موقفه وذيل مقطع قصيدته بـ«نعم يدافع»!
إذاً، ليسمح لي محمود درويش وأنا من مريديه أن أستعير ما كتبه عن غزة حينما سقطت بيد الظلاميين الذين حوّلوا الانتخابات الحرة إلى بيعة لأميرهم أو لأمرائهم، فبيروت هي أيضاً رهينة أنبياء جدد، ولو زارها درويش الآن لقال «لولا الحياء والظلام، لزرت غزة (بيروت)، دون أن أعرف الطريق إلى بيت أبي سفيان الجديد، ولا اسم النبي الجديد، ولولا أن محمداً هو خاتم الأنبياء، لصار لكل عصابة نبي، ولكل صحابي ميليشيا».
وسط هذا الجحيم، لم يُبدِ أحد من أنبياء بيروت الجدد استعداده للقيام بخطوة إلى الوراء، لم يزالوا منشغلين بغنائمهم، منهمكين بأمجادهم، لم يستعن أحد منهم بمعجم المعاني ليقرأ شرح مفردة البصيرة، فهم يتجنبون قراءة وجوه اللبنانيين ممن والاهم أو ناصرهم، كي لا يروا الإدراك واليقظة في وجوه الناس التي باتت قاب قوسين أو أدنى من الانفجار.
في النهاية كان ما سوف يكون؛ بالأمس رفع مهندس مالية المنظومة ومدير ثروتها ما تقدمه الدولة من دعم عن مواد أساسية، بالأمس أطلقت صافرة الإنذار الأخيرة قبل المواجهة وبعد الارتطام.

arabstoday

GMT 03:41 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

ثلثا ميركل... ثلث ثاتشر

GMT 03:35 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

مجلس التعاون ودوره الاصلي

GMT 03:32 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

عندما لمسنا الشمس

GMT 03:18 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

رسالة إلى دولة الرئيس بري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لقد أطفأوا بيروت لؤلؤة المتوسط لقد أطفأوا بيروت لؤلؤة المتوسط



النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

أبوظبي - العرب اليوم

GMT 11:42 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت
 العرب اليوم - تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 12:36 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إيلون ماسك يطلق موسوعة غروكيبيديا المنافسة لويكيبيديا
 العرب اليوم - إيلون ماسك يطلق موسوعة غروكيبيديا المنافسة لويكيبيديا

GMT 06:50 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إغلاق مؤقت لمطار أليكانتي في إسبانيا بعد رصد طائرة مسيرة

GMT 05:31 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مطار كراسنودار يطلق رحلات مباشرة إلى مصر

GMT 02:15 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ميسي يراوغ مجددًا بشأن مشاركته مع الأرجنتين في كأس العالم 2026

GMT 07:12 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

علاء مبارك يتحدث عن "أدق وصف" للوضع في غزة

GMT 10:31 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

GMT 06:04 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

القضاء الفرنسي يلاحق المتنمرين ضد زوجة ماكرون

GMT 11:42 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 06:02 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل شقيقين في غارة إسرائيلية جنوبي لبنان

GMT 01:35 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

زلزال بقوة 6.1 يضرب ولاية باليكسير شمال غربي تركيا

GMT 05:36 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تحذير عاجل لمستخدمي Gmail بعد سرقة 183 مليون كلمة مرور
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab