لبنان والخليج ملاحظات على جدار الأزمة

لبنان والخليج... ملاحظات على جدار الأزمة

لبنان والخليج... ملاحظات على جدار الأزمة

 العرب اليوم -

لبنان والخليج ملاحظات على جدار الأزمة

بقلم - مصطفى فحص

تتقن معظم الطبقة السياسية اللبنانية مهنة التسويف، فهي بارعة في تسويف الوقت والمواقف والحلول، وتتصرف مع الداخل والخارج على أساس أن هذه المهنة تمنحها القدرة على تسيير أمورها الخاصة والعامة، وتراوغ دفاعاً عن مكاسبها، مستخدمة ما تبقى من الحد الأدنى الذي تحتاجه الدولة ومؤسساتها لكي تستمر. منهج المراوغة وكسب الوقت والتسويف استمر مع كل النكسات التي تعرضت لها الطبقة السياسية، من انتفاضة تشرين إلى انفجار المرفأ وما بينهما من انهيار اقتصادي، إضافة إلى الفشل الحكومي، وصولاً إلى أزمة دبلوماسية مع دول الخليج العربي هي الأولى بمستوى خطورتها في تاريخ العلاقة اللبنانية الخليجية، ورغم تداعياتها فإن التعامل معها لم يصل إلى مستوى المسؤولية.
عملياً قضت أزمة تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي على فكرة التشاطر اللبناني الرسمي، وهذا ينطبق على كافة المشاركين في السلطة الذين انقسموا ما بين من قرر التماهي مع تصريحات قرداحي وتبنيها، ومن ارتقى التمايز عنها ومقايضتها، هذه الطبقة تعاملت مع قرداحي كأنه سبب لأزمة حتى تتجنب الاعتراف بأنه نتيجة سياسات ممنهجة فرضت على لبنان تموضعاً يخالف كافة شروط الكيان والدولة والانتماء والاقتصاد، الأمر الذي قسم الأزمة إلى مستويين؛ الأول خارجي وهو مستقبل العلاقات اللبنانية الخليجية، أما المستوى الثاني فهو طبيعة العلاقات الداخلية ما بين الجماعات الداخلية. ومخاطر الانقسام على النسيج الوطني مغامرات تراود طرفاً يستشعر الغلبة.
ففي ذروة الشعور بالغلبة استعانت حكومة ثنائي العهد «التيار العوني» - «حزب الله» بواشنطن من أجل احتواء أزمة تصريحات قرداحي، فكان لافتاً حتى الآن الدعم ولو المحدود من واشنطن لحكومة تمثل ذروة الانتقال اللبناني إلى المحور الإيراني، وهذا طبعاً لا ينسجم مع الخطاب الاتهامي الذي يسوّق له «حزب الله» حول المؤامرة الأميركية والحصار على لبنان، وحتى التوسط الأميركي باعتراف وزير خارجية العهد قد فشل، حيث لم تستوعب هذه الطبقة السياسية أن المصالح الغربية مع الخليج أكبر من أن يؤثر فيها شأن لبناني، وكأنهم نسوا أن هذه الدول ليس بوارد المساومة على مصالح أمنها القومي.
مفارقة أخرى في الدعم الغربي لحكومة ثنائي العهد «التيار العوني» و«حزب الله»، أن باريس التي صنعت التسوية الحكومية وتبنت بطريقة ما لعبة التسويف الرسمية اللبنانية، باتت مبادرتها في مهب الريح، فلا الحكومة قادرة على الاجتماع بسبب ملف تحقيقات المرفأ، ولا قادرة على الاستمرار بسبب الموقف من قرداحي، ولا وزيرها الأول قادر على إقناع من كان يمثل بضرورة استمراره بمنصبه، ولا من أعطاهم تنازلات أضرت بموقعه وبدور حكومته بضرورة تسهيل مهمته، ميقاتي المحاصر بشركاء مضاربين جميعهم غير معنيين بإعطائه أي فرصة ولا حتى بنجاح حكومته.
فعلياً عمق الأزمة يتجاوز كلام قرداحي ويتصل بطبيعة لبنان ومستقبله، وكيفية تحديد موقعه وانحيازاته، وهذا كان واضحاً في تصريح وزير الخارجية السعودي عن طبيعة الأزمة مع لبنان، الأمر الذي يضع الراعي الدولي الذي أنتج التسوية الحكومية أمام تحديات صعبة؛ إما الحفاظ عليها مهما بلغت خسائرها الداخلية والخارجية، وإما إعلان الفشل. هذه المعادلة ستحددها الوقائع الداخلية أكثر من أروقة السياسة الدولية، لذلك فإن المعني الأساسي من دول الخليج قرر الانسحاب والنأي بنفسه عن لبنان بعدما فشل لبنان في النأي بنفسه.
وعليه... تبدو أزمة لبنان الرسمي مع دول الخليج العربي قد وصلت إلى حائط مسدود يصعب تجاوزه، أو حتى التنقل بين جهتيه في المدى المنظور والمتوسط، وكأن هذا الحائط كجدار برلين يحتاج إلى تحولات كبرى داخلية وخارجية حتى يسقط، وبما أن اللحظة غير مواتية لهذه التحولات، وتستدعي انتظارات طويلة حتى تتبلور، وهو ما كان واضحاً في تغريدة السفير السعودي في بيروت وليد البخاري مساء الأربعاء والتي تظهر «غرامشية» سعودية بالتعاطي مع لبنان.

arabstoday

GMT 03:41 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

ثلثا ميركل... ثلث ثاتشر

GMT 03:35 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

مجلس التعاون ودوره الاصلي

GMT 03:32 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

عندما لمسنا الشمس

GMT 03:18 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

رسالة إلى دولة الرئيس بري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان والخليج ملاحظات على جدار الأزمة لبنان والخليج ملاحظات على جدار الأزمة



النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

أبوظبي - العرب اليوم

GMT 02:15 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ميسي يراوغ مجددًا بشأن مشاركته مع الأرجنتين في كأس العالم 2026
 العرب اليوم - ميسي يراوغ مجددًا بشأن مشاركته مع الأرجنتين في كأس العالم 2026

GMT 11:42 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت
 العرب اليوم - تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 12:36 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إيلون ماسك يطلق موسوعة غروكيبيديا المنافسة لويكيبيديا
 العرب اليوم - إيلون ماسك يطلق موسوعة غروكيبيديا المنافسة لويكيبيديا

GMT 17:41 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

نتنياهو يأمر الجيش الإسرائيلي بشن هجمات على غزة فوراً
 العرب اليوم - نتنياهو يأمر الجيش الإسرائيلي بشن هجمات على غزة فوراً

GMT 06:50 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إغلاق مؤقت لمطار أليكانتي في إسبانيا بعد رصد طائرة مسيرة

GMT 05:31 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مطار كراسنودار يطلق رحلات مباشرة إلى مصر

GMT 02:15 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ميسي يراوغ مجددًا بشأن مشاركته مع الأرجنتين في كأس العالم 2026

GMT 07:12 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

علاء مبارك يتحدث عن "أدق وصف" للوضع في غزة

GMT 10:31 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

GMT 06:04 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

القضاء الفرنسي يلاحق المتنمرين ضد زوجة ماكرون

GMT 11:42 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 06:02 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل شقيقين في غارة إسرائيلية جنوبي لبنان

GMT 01:35 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

زلزال بقوة 6.1 يضرب ولاية باليكسير شمال غربي تركيا

GMT 05:36 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تحذير عاجل لمستخدمي Gmail بعد سرقة 183 مليون كلمة مرور
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab