بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
الخلاف على تفسير نصوص دينية قديمُ قدم الأديان نفسها. خلقت هذه الخلافات انقسامًا فى أوساط المؤمنين بالأديان. وارتبط الانقسام أحيانًا بتعصب أنتج معارك وحروبًا. حدث ذلك فى المسيحية والإسلام على حد السواء. الانقسام بين البروتستانت والكاثوليك خلق حروبًا ضارية فى أوروبا، كان آخرها فى أيرلندا، وانتهى بتوقيع اتفاق بلفاست أو الجمعة العظيمة عام 1998. كما أدى الانقسام بين السُنة والشيعة إلى معارك وصراعات مازال بعض تجلياتها مستمرًا حتى اليوم.
ومثلما أنتجت الخلافات على تفسير نصوص دينية انقسامًا بين بعض أتباع الدين الواحد، فقد أثار هذا الانقسام جدلاً حول سبب الخلافات التى أدت إليه. فقد ذهب بعض المجادلين إلى أن جذر الانقسام يوجد فى بنية الأديان نفسها. ولكنهم كانوا، وظلوا، قلة ارتبط موقفها هذا بنزعات لادينية، أو رافضة للأديان. أما أغلبية من شاركوا فى المجادلات حول الأديان والمذاهب. فقد أدركوا أن الانقسام إلى مذاهب مختلفة يعود إلى تعصب أو تطرف أو مغالاة، يرتبط فى كثير من الأحيان بأهواء أو بأهداف سياسية. وهذا هو ما يدفع إلى التخاصم والتنازع والتعادى والتناحر والقتال.
يوجد هذان الفريقان فى أوساط المؤمنين بالأديان كلها منذ أن ظهر الانقسام المذهبى وأدى إلى ما أدى إليه من صراعات ومعارك وحروب. ولكن موقف الفريق الذى يربط الانقسام المذهبى بالتعصب والتطرف هو الغالب، ليس لأنه يصدر عن إيمان صحيح فقط، ولكن لأنه ينسجم مع مجريات الصراعات والمعارك والحروب التى ترتبت على هذا الانقسام.
وفى تاريخ الجدال بين الفريقين مجادلون صححوا موقفهم فأدركوا أن العلة فى التعصب والتطرف بعد أن كانوا قد ظنوا أنها فى بنية الأديان نفسها. والحال أن الانقسام المذهبى، الذى ما برحت تجلياته حاضرة بين جماعات من السُنة والشيعة فى بعض البلدان العربية، وبلدان مسلمة أخرى، هو أحد أخطر الأمراض التى تهدد هذه البلدان فى وقتنا الراهن. ولا يوجد ما يبشر بإمكان إيجاد علاج نهائى له فى المدى المنظور.