بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
قبل 72 ساعة فقط من وصول بنيامين نيتانياهو إلى بودابست, التى اتخذت حكومتها الإجراءات اللازمة لمنع اعتقاله وتسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية، كان الرئيس الفلبينى السابق رودريجو دوتيرتى قد أُوقف فى مطار مانيلا بموجب مذكرة توقيف أصدرتها هذه المحكمة ضده بعد اتهامه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال حملات ضد مهربى مخدرات فى فترة رئاسته بين 2016 و2022.
لم يحل ما حدث لدوتيرتى دون سفر نيتانياهو إلى بودابست. فقد استبقت الحكومة المجرية زيارته بالانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية. كما أن القضاء فى المجر لا يتمتع باستقلال عن السلطة التنفيذية، فضلاً عن أن القانون الذى ينظم عمله لا يمنحه ولاية دولية. أما الجمعيات الحقوقية وغيرها من المنظمات المدنية فهى ضعيفة ولا تستطيع شن حملة للمطالبة بتوقيفه. ومع ذلك كان نيتانياهو قلِقًا من مسار رحلته إلى واشنطن. ولذا قطعت طائرته أكثر من سبعة آلاف كم دفعة واحدة خشية إيقافه فى أى مطار تهبط فيه خلال هذه الرحلة.
والمهم أن توقيف دوتيرتى يُبقى أملاً فى أن يمثل نيتانياهو وغيره من المجرمين الإسرائيليين أمام المحكمة الجنائية الدولية لاحقًا. فقد كان دوتيرتى مطمئنًا إلى أن يد العدالة الدولية لن تطوله طالما التزم الحذر فى تحركاته وتجنب زيارة دول يمكن أن يوقف فيها. ومع ذلك حدث ما لم يكن فى حسبانه، إذ أُوقف فى مطار بلده لدى عودته وأسرته من رحلة إلى هونج كونج. ولعله لم يتصور أن تتعاون سلطات الدولة التى كان رئيسًا لها حتى 2022 مع المحكمة فتوقفه وتسلمه لها فى اليوم التالي. وبدا أنه فوجئ عندما وجد رجال الشرطة فى انتظاره لدى عودته من هونج كونج، وربما تخيل أن ثمة قضية مرفوعة ضده فى الفلبين. ولذا سأل عن الأساس القانونى لتوقيفه.
وأيًا يكن الأمر فقد أصبح دوتيرتى بين يدى المحكمة الجنائية الدولية فى الوقت الذى لا يزال نيتانياهو بعيدًا عن متناولها رغم أن جرائم الأول قد لا تُعدُ شيئًا يُذكر مقارنةً بما ارتكبه، ويرتكبه، الثانى فى حرب إبادة غير مسبوقة فى العصر الحديث.