بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
يحلم الصهاينة فى الكيان الإسرائيلى وخارجه بسحب بعض الكلمات من التداول، وربما أيضًا باجتثاثها من قواميس اللغة العربية. ومن أهم هذه الكلمات كلمة العدو التى ازداد استخدامها من جانب كثير من العرب عند الحديث عن الكيان الإسرائيلى فى الفترة الأخيرة. ولا ينفصل هذا الحلم بطبيعة الحال عن مشروع الهيمنة الذى يريد الصهاينة وحلفاؤهم فى الغرب فرضه تحت اسم الشرق الأوسط الجديد. فهذا مشروع يقوم على إخضاع العرب وتصفية قضية فلسطين وفرض اتفاقات تطبيع جديدة مع عدد آخر من الحكومات العربية، وربما عليها كلها. وما الاعتداءات المتجددة على لبنان، والتوغل المستمر فى جنوب سوريا، إلا بعض الأدوات التى تستخدمها حكومة بنيامين نيتانياهو لإرغام حكومتى البلدين على توقيع اتفاقين جديدين للتطبيع بشكل أو بآخر. ولا تخفى دلالة إلغاء زيارة كان مقررًا أن يقوم بها قائد الجيش اللبنانى العماد رودولف هيكل إلى واشنطن بسبب وصف الكيان الإسرائيلى بالعدو، فى بيان أصدره عن أحد الاعتداءات على بلده. ولكن هذا الحلم سيبقى حلمًا إن لم يتحول إلى كابوس فى يوم ما. وحتى بافتراض نجاح الكيان الإسرائيلى فى توقيع اتفاقات مع الدول العربية كلها، فلن تختفى كلمة العدو أو يقل استخدامها من جانب قطاعات واسعة من شعوب هذه الدول. فإذا اضطرت حكومات للذهاب إلى ما تُسمى اتفاقات إبراهيم، فليس هناك ما يقنع الشعوب بأن الكيان الإسرائيلى ليس عدوًا. وهذه هى المعادلة التى حكمت التفاعلات العربية مع هذا الكيان على مدى عقود.. معادلة تتلخص فى أن للحكومات ضروراتها وللشعوب خياراتها.
وقد اختارت الشعوب أن تقف عند الجانب الصحيح من التاريخ، وواصلت النخب الثقافية فيها مقاومة التطبيع وتوعية الرأى العام بأخطاره. كما احترمت الحكومات التى وقعت اتفاقات مع الكيان الإسرائيلى، أو معظمها على الأقل، الخيار الذى اختارته شعوبها. وسيبقى هذا الخيار وسيستمر النظر إلى الكيان الغاصب باعتباره عدوًا لأنه كذلك بالفعل.