بقلم:د. وحيد عبدالمجيد
لم ينل رئيس أمريكى مثل هذا الاهتمام الذى يحظى به دونالد ترامب فى العالم منذ بوش الابن الذى تولى الرئاسة بين يناير 2001 ويناير 2009. لكن الاهتمام العالمى بالرئيس الأسبق بوش الابن ارتبط بحدثين كبيرين هما هجمات 11 سبتمبر 2001 وغزو العراق 2003. أما الاهتمام بالرئيس ترامب فيرجع إلى مجمل سياساته التى تؤثر فى العالم كله، علاوةً على سماته الشخصية التى تجذب الانتباه إليه من كل حدب وصوب.
ترامب هو أول رئيس أمريكى تُغَّيرً سياساته قواعد النظام الدولى الذى أرست الولايات المتحدة أسسه عقب الحرب العالمية الثانية، وعملت بدأب طول 8 عقود للمحافظة عليه. وكان الرؤساء الذين سبقوه مستعدين لفعل أى شيء لمواجهة تطلعات الدول التى تريد تغييره، وفى مقدمتها روسيا والصين. وهكذا فبعد أن كان الرؤساء الأمريكيون يعملون للمحافظة على النظام الدولى ها هو ترامب يُغَّيره ولكن فى اتجاه مختلف عما تسعى إليه الصين وروسيا وغيرهما من الدول التى تتطلع إلى وضع قواعد جديدة له. فمن شأن سياسات ترامب أن تقود إلى نظام دولى بلا قواعد ثابتة، وليس بقواعد جديدة.
فهو يريد للولايات المتحدة أن تفعل ما تريده فى أى مكان وزمان دون التزام بأى قواعد، وتضع قاعدة لكل فعل تفعله. والمهم أن ترامب ليس مجرد رئيس عابر لأنه يعبر عن تيار سيستمر بعده وربما يكبر أكثر ما لم يستطع معارضوه فى الولايات المتحدة منافسته واستعادة البيت الأبيض. ومن هنا أهمية الفوز الكبير الذى حقَّقه السياسى اليسارى الشاب ظُهران ممدانى فى السباق التمهيدى للحزب الديمقراطى قبل انتخابات رئاسة بلدية نيويورك. هزم ممدانى حاكم الولاية السابق القوى أندرو كومو. وهو يعبر عن التيار اليسارى التقدمى فى الحزب الديمقراطي. ويعد هذا التيار النقيض الموضوعى للتيار الترامبى الشعبوى على المستويين الداخلى والخارجي.
وإذا فاز ممدانى فى انتخابات نوفمبر المقبل، وأصبح عمدة المدينة الأكثر أهمية فى الولايات المتحدة، سيعطى فوزه دفعة قوية للتيار اليسارى الذى يمثله، ويعيد للحزب الديمقراطي, ومعارضى ترامب عمومُا الثقة فى إمكان هزيمة التيار الشعبوى «الترامبي» فى انتخابات 2028.