بقلم:د. وحيد عبدالمجيد
ذكرَّنى الصديق سعد الكومى، خلال تعليقه على اجتهاد 1 يونيو الحالى «فشل التطبيع»، بفيلم «السفارة فى العمارة» الذى لا تُمَل مشاهدته. فيلمُ أبدع فيه الفنانون الكبار عادل إمام، وعمرو عرفة المخرج، ويوسف معاطى الكاتب، وعُرض عام 2005. يروى الفيلم قصة مهندس مصرى يعود من العمل فى منطقة الخليج (شريف خيرى الذى يؤدى دوره الفنان عادل إمام)، ليفاجأ بوجود السفارة الإسرائيلية فى الشقة المجاورة لشقته فيحاول بيعها، لكن المشترى الذى كان جاهزًا لشرائها تراجع على الفور عندما عرف أن الشقة تقع بجوار السفارة.
ونجد فى مشاهد الفيلم مواقف أخرى قوية معبرة عن رفض الشارع المصرى للتطبيع، مثل موقف صاحب محل فطاطرى يتصل به شريف خيرى طالبًا فطيرة، ولكنه سرعان ما يرفض حين يعرف العنوان ويدرك أنه فى العمارة التى توجد بها السفارة. ويرفع صاحب الشقة دعوى قضائية يدفع فيها بأن وجود السفارة بجوار شقته يؤدى إلى انتهاك خصوصيته بسبب إجراءات الأمن غير العادية المتخذة لحمايتها فى مجتمع يرفض كل ما يمت إلى الكيان الإسرائيلى بصلة، علاوة على رفض البعض التعامل معه. وما أن يُنشر خبر عن هذه القضية حتى يتحول رافعها إلى رمز شعبى يتسابق الناس لتحيته، ويجد نفسه فى قلب الحملات الشعبية ضد التطبيع رغم أنه لا يعرف شيئًا فى السياسة، وهو الذى ظلت اهتماماته طول عمره محصورة فى شئونه الخاصة، وعلاقاته الاجتماعية عمومًا والنسائية منها خصوصًا. ويزداد اندفاعه فى اتجاه لم يتصور نفسه فيه عندما تعجبه فتاة يسارية تشارك فى قيادة النضال ضد التطبيع، إذ يجد نفسه فى قلب تظاهرات يُهتف له فيها ضمن هتافات ضد التطبيع. ومثلما لم يخطط لشىء من هذا الانغماس فى السياسة، لم يتصور أنه سيتحول من «بطل» إلى «خائن» عندما يضطر للتنازل عن الدعوى.
فيلم «السفارة فى العمارة»، والحال هكذا، مثال بارز لدور الفن فى التعبير بطريقة درامية عن فشل التطبيع شعبيًا. وهو ليس الوحيد فى هذا المجال، إذ توجد أفلام أخرى أقل شهرةً مثل «فتاة من إسرائيل»، و«أصحاب ولا بيزنس» وغيرهما.