بقلم: د. أسامة الغزالى حرب
لا يقلقنى كثيرا رفض الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الإعتراف بدولة فلسطين، التى تحظى اليوم باعتراف 157 دولة من أصل 193 دولة عضوا فى الأمم المتحدة، أى مايزيد قليلا على 81% من إجمالى أعضاء الأمم المتحدة، وقوله، متطابقا مع ادعاءات نيتانياهو، بأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية «ستكون مكافأة كبيرة جدا لإرهابيى حماس على أعمالهم الوحشية»!! إن ذلك الموقف يذكرنى برفض الولايات المتحدة، الأحمق القديم، الإعتراف بجمهورية الصين الشعبية، وعنادها الذى دام طويلا فى ستينيات وسبعينيات القرن الماضى! فمنذ قيام جمهورية الصين الشعبية فى عام 1949 عقب انتصار الحزب الشيوعى الصينى بقيادة ماو تسى تونج على حكومة شيانج كاى شيك، الذى فر إلى جزيرة «تايوان» الصغيرة، الواقعة فى المحيط الهادى، على بعد 140 كيلو مترا عن الأراضى الصينية، عاند الأمريكيون تلك الحقائق الصلبة، مصرين على الاعتراف فقط بتايوان التى بلغ عدد سكانها نحو 23 مليون نسمة، ومتجاهلين الصين الشعبية بسكانها البالغ عددهم نحو 1.4 مليار نسمة، ومصرين على أن تكون تايوان هى الممثلة فى الأمم المتحدة للصين!. غير أن حقائق القوة الصينية المتنامية والواثقة أرغمت الأمريكيين على التراجع عن موقفهم الأحمق الذى دام مايقرب من ربع القرن، وشهد العالم فى 1972 الزيارة التاريخية التى قام بها الرئيس الأمريكى نيكسون للصين، قبل ان يقوم الرئيس كارتر بالاعتراف الرسمى بالصين فى 1979. إننى أعلم أن هناك اختلافات هائلة بين ما حدث مع الصين قديما، وما يمكن أن يحدث مع فلسطين حديثا.. ولكن المغزى فى تقديرى واحد، وهو أن الحقائق الصلبة على أرض الواقع تفرض دائما نفسها، وأن صلابة وقوة وشرعية الموقف الفلسطينى، الذى يستحق منا كل دعم مادى ومعنوى، هى التى سوف ترغم فى النهاية الولايات المتحدة على الاعتراف والتسليم به!