على ضفاف القناة

على ضفاف القناة

على ضفاف القناة

 العرب اليوم -

على ضفاف القناة

عمرو الشوبكي

ارتبط تاريخ مصر الحديث بقناة السويس، فمنذ حفرها فى عام 1869 والقناة فى قلب الصراعات الإقليمية والدولية، والتعامل معها اختلف من عهد إلى آخر حتى صارت رمزا للتحولات التى جرت داخل مصر والعالم.

حُفرت قناة السويس بأيادى المصريين فى عهد الخديو إسماعيل، ومات منهم الآلاف بسبب نظام السخرة الذى اتبعه النظام الملكى فى ذلك الوقت، واستدانت مصر من دول غربية كبرى لتبنى القناة، وشهدت حفل افتتاح أسطورى حضره كل الدائنين والإمبراطورة الفرنسية الحسناء «أوجينى»، التى لم يكتف الخديو بدعوتها إنما بنى لها قصراً مهيباً آملاً أن تسكن فيه، وكانت نتيجة ذلك تبعية مصر لمن أقرضها وفقدانها قرارها الوطنى المستقل.

وظلت القناة مملوكة للأجانب والمحتلين، وظل الحنين الوطنى لاستعادتها حاضراً فى نفوس المصريين حتى جاء جمال عبدالناصر واتخذ القرار التاريخى بتأميم قناة السويس وإعادة ملكيتها للشعب المصرى، فى خطوة دفعت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل إلى العدوان على مصر فى 56 بغرض إسقاط نظام عبدالناصر، وفشلوا نتيجة صمود الشعب المصرى ووقوفه خلف زعيمه وبطل التحرر الوطنى فى ذلك الوقت.

وفجّر قرار التأميم ثم العدوان الثلاثى خطاب تعبئة سياسية ضد الاستعمار فى مصر والعالم العربى والعالم الثالث، ونالت مصر دعم القوى التقدمية فى الغرب فى مواجهه العدوان الثلاثى، وكان لهتافات المذيعين فى ذلك الوقت صدى كبير فى داخل مصر وخارجها، ولم يشعر أحد بزيفها (حتى لو كان هناك أشخاص مزيفون ومنافقون) لأنه كانت هناك معركة حقيقية ودم يراق على الأرض، وكان قرار التأميم فى ذاته فعلاً تاريخياً لأنه نقل ملكية مؤسسة كبرى بحجم القناة، دفعت مصر الدماء والمال من أجل بنائها، إلى أهل مصر وشعبها.

وهنا كانت الأولوية للحدث الوطنى ولخطاب التعبئة السياسية، وأصبحت كل أغنية وطنية (الله أكبر فوق كيد المعتدى، دع سمائى، وغيرهما) ضد استعمار يحاربنا بالسلاح بجد، وكل هتاف وطنى كان يعبر عن قيم العصر فى التحرر والاستقلال الوطنى وهى فى حد ذاتها وبعيدا عن أى حسابات رشادة اقتصادية وسياسية كانت مطلوبة فى ذاتها وينتظرها الشعب.

ودارت الأيام وشهدنا العام الماضى عودة سياسية جديدة على ضفاف القناة، وأنجزت السواعد المصرية مشروعاً كبيراً وعملاقاً، وفى نفس الوقت أراد الكثيرون استنساخ هتافات وأغانى الخمسينيات فى 2015، وبالغنا فى الاحتفالات والليالى الملاح، وتصور بعضنا أننا مازلنا فى الخمسينيات حين كانت الأغانى والهتافات الوطنية تعبئ مشاعر الناس ضد محتل غازٍ، ونسينا أنها تردد الآن بعد أكثر من 60 عاما على توقيع اتفاقية الجلاء مع بريطانيا، وبعد أن دفعنا بشرف وكبرياء ثمن استقلالنا الوطنى.

يحتاج الناس لمشاعر وطنية رشيدة وعاقلة لمواجهة تحديات كثيرة تختلف عن معارك التحرر الوطنى، فكان يجب على مصر الرسمية أن تهتم أكثر بلغة الأرقام بدلا من التهليل الإعلامى، فكل شىء متضارب عند الناس، الطول والعمق هل هو 37 كيلو أم 72؟ كما لا توجد أى أرقام رسمية عن العائد الاقتصادى، وحتى الجانب المعنوى المشرق المتمثل فى قدرة المصريين على العمل والإنجاز تاه أمام صراخ الإعلام وهتيفة كل العصور.

إن كل دول الجنوب التى انتقلت من حال التخلف والفقر إلى حال التقدم (ولو النسبى) واليسر لم يغنوا لمشروع واحد تصوروا أنه سيخرجهم مما هم فيه، واعتبروا أن معاركهم الرئيسية كانت على القضايا «مايكرو» Micro (الجزئى) فى إصلاح المؤسسات وخلق بيئة تشجع على الاستثمار بتنمية اقتصادية وإصلاح سياسى.

arabstoday

GMT 04:30 2025 الجمعة ,16 أيار / مايو

كفى بُكاءً من الزيارة

GMT 04:29 2025 الجمعة ,16 أيار / مايو

لماذا سعت السعودية لرفع العقوبات؟

GMT 04:28 2025 الجمعة ,16 أيار / مايو

قد «أنطوان لحد» كمان وكمان!

GMT 01:44 2025 الجمعة ,16 أيار / مايو

بين دوايت ودونالد

GMT 01:43 2025 الجمعة ,16 أيار / مايو

الدين وأخلاق العمل والخير العام

GMT 01:41 2025 الجمعة ,16 أيار / مايو

القوة الخشنة تشيّع القوة الناعمة

GMT 01:40 2025 الجمعة ,16 أيار / مايو

ليو وأتيلا العصر الحديث

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

على ضفاف القناة على ضفاف القناة



النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:29 2025 الجمعة ,16 أيار / مايو

لماذا سعت السعودية لرفع العقوبات؟

GMT 06:22 2025 الخميس ,15 أيار / مايو

أخذ العلم بالتوازن الجديد في المنطقة

GMT 00:51 2025 الأربعاء ,14 أيار / مايو

إجراءات أمنية جديدة في مطار بيروت

GMT 06:09 2025 الخميس ,15 أيار / مايو

السعودية وأميركا... فرص العصر الذهبي

GMT 12:04 2025 الأربعاء ,14 أيار / مايو

زلزال بقوة 6.4 درجة على مقياس ريختر يضرب تونجا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab