بقلم : عمرو الشوبكي
أخطر ما فى المقترحات الخاصة بقانون الانتخابات التشريعية أنه يجعل التنافسية التى هى صلب أى عملية انتخابية شبه معدومة أو فى أدنى مستوى لها، صحيح أنه منذ بداية تجربة التعددية المقيدة التى أطلقها الرئيس الراحل أنور السادات والأغلبية تفوق الثلثين مضمونة «لحزب الدولة»، سواء كان اسمه حزب مصر العربى الاشتراكى أو الحزب الوطنى، بصورة تضمن له الموافقة على أى مقترحات تشريعات حكومية أو رئاسية، وتضمن له حق رفض أى تحركات أو مقترحات من أحزاب المعارضة لا تؤيدها الحكومة.
والحقيقة أن الأغلبية المضمونة لحزب الدولة أو أحزاب الموالاة لم تحل دون وجود تنافس فى معظم الانتخابات التى شهدتها البلاد، فرأينا نوابا من الحزب الوطنى السابق خاضوا انتخابات وتنافسا حقيقيا مع مرشحى أحزاب المعارضة وفازوا فيها وقدموا نموذجا لنواب الخدمات الذين يتمتعون بصفات «ابن البلد»، والنائب الذى يقف فى «ضهر» أبناء دائرته ويعمل على حل مشاكلهم ويؤيد الحكومة والرئيس فى
مواقفهم السياسية.
والحقيقة أن مشكلة القانون المقترح حاليا مثل السابق الذى أجريت فى ظله الانتخابات الأخيرة، فهو يضع نظاما انتخابيا يضعف التنافس لأدنى حد باعتماد ٤ قوائم انتخابية مطلقة ومغلقة، اثنتان منها يضمان ٢٠٠ مرشح أو بالأحرى ٢٠٠ مقعد مضمون النجاح، فى حين ضمت القائمتان الأخيرتان ٤٢ مقعدا ليصبح إجمالى مرشحى القوائم ٢٨٤ مرشحا، ضامنين النجاح بمجرد اختيارهم فى قوائم لا ينافسها أحد، وإذا أضفنا لهم نسبة الـ٥٪ التى يعينها رئيس الجمهورية، وفق الدستور، فنصبح أمام ٥٥٪ من أعضاء البرلمان معينين، وهو نفس التصور الذى يحكم القانون الجديد المقترح.
ويصاحب نظام القوائم المطلقة فى القانون الجديد، كما فى السابق، نظام فردى فى دوائر مترامية الأطراف تفتح الباب أمام المال السياسى، وتتراجع فيها التنافسية بين المرشحين لأقل درجة، مما يعنى أننا سنصبح أمام عملية انتخابية لا تضمن فقط غالبية المقاعد لأحزاب الدولة كما كان يجرى فى الانتخابات السابقة إنما يغيب عنها التنافسية من الأساس ويتراجع إحساس المواطن بأنه شريك فى اختيار مرشحيه ونوابه.
وبناء عليه، فإن النظام الذى نقترحه هو دوائر انتخابية متوسطة الحجم (ما بين ٤٠٠ إلى ٥٠٠ ألف ناخب) وهنا سيشعر الناخب أنه «صاحب قرار» فى اختيار نائبه، وهنا سيشعر الناخب بأنه يختار نائبه دون وصاية من «كنترول» حزبى أو من مؤسسات، أما القوائم فهى يجب أن تكون قوائم لكل محافظة، حتى لو كانت مطلقة فالمهم ألا تكون ٤ قوائم إنما وأن تكون فى حدود ٢٢ محافظة وتتيح التنافس مع قوائم أخرى.
المسار الآمن لأى نظام سياسى حتى فى ظل التعددية المقيدة هو أن يساعد قانون الانتخابات المواطنين على المشاركة فى عملية انتخابية تنافسية تخرج فى عمق المجتمع إلى العلن.