بقلم:عمرو الشوبكي
عكس فوز المنتخب المغربى ببطولة العالم للشباب التى جرت تقدما مغربيا حقيقيا فى الرياضة وخاصة فى كرة القدم بعد أن شهد العالم المستوى المتميز الذى ظهر به المنتخب المغربى الأول فى كأس العالم الأخير وحصوله على المركز الرابع.
والحقيقة أن نجاح فريق الشباب هو نجاح وطنى بامتياز للمنظومة الرياضية المغربية لأن الغالبية العظمى من لاعبيه لا يحملون جنسية دول أخرى على خلاف جانب من لاعبى المنتخب الأول الذين حملوا جنسية بلاد أوروبية أخرى وفضلوا مع ذلك اللعب لصالح منتخب بلدهم الأصلى. واللافت أن هؤلاء اللاعبين الذين حملوا جنسيات أوروبية وأتقنوا لغتها ومع ذلك اختاروا بمحض إرادتهم أن يلعبوا لوطنهم الأم الذى زاروه ولم يعيشوا فيه، أو كما قال «حكيم زياش» النجم المغربى الذى ولد فى هولندا أن دمه «أحمر» وليس «برتقالى» تعبيرا عن لون فانله المغرب وهو أمر لافت وذو دلاله أن يختار نجم ولد فى أوروبا وعرف الاحتراف فى أنديتها الكبرى أن يلعب لبلد آبائه وأجداده.
والحقيقة أن ما جرى مع المغرب تكرر مع لاعبين مصريين بعضهم مثل محمد صلاح وغيره من لاعبى كرة القدم المحترفين فى أندية كبرى الذين تمسكوا بجنسيتهم المصرية ولم يحصلوا على الجنسية البريطانية على الأقل حتى الآن أو كما قال البعض طوال مسيرتهم الاحترافية، وهذا على عكس كثير من لاعبى المصارعة الحرة والرياضات الفردية الذين اضطرتهم الظروف المالية السيئة والحصار الإعلامى وعدم التقدير المعنوى إلى مغادرة مصر واللعب فى بلاد أخرى فى مفارقة لافتة.
فى المغرب هناك العديد من اللاعبين حملوا جنسية البلد التى يلعبون فيه واختاروا اللعب مع منتخب بلدهم الأصلى المغرب، وفتح نقاش «غير رياضى» حول قضية دمج المهاجرين وخاصة العرب واعتبر البعض فى أوروبا أن هناك مشكلة هيكلية فى مشاريع الدمج الأوروبية لأنها تصطدم بثقافة عربية إسلامية راسخة تحول دون دمج هؤلاء العرب فى المنظومة الأوروبية حتى من ولدوا هناك وحملوا جنسياتها، وأن الدمج فى فرنسا مثلا نجح مع البرتغاليين والأسبان والإيطاليين الذين جاءوا إلى هناك عقب الحرب العالمية الثانية ولا تستطيع حاليا أن تفرق بين أبناء الجيل الثانى من هؤلاء ونظرائهم الفرنسيين، (وهو واقعيا صحيح) فى حين أن حمل الجنسية الأوروبية وجواز السفر الأوروبى لم يعن بالنسبة لكثير من أبناء الجيل الثانى من العرب انتماء وولاء، إنما سهولة فى التنقل وفرصا أكبر فى العمل وحصولا على ضمان اجتماعى وأحيانا حماية سياسية.
مشاهدة مباريات كرة القدم العالمية بكل اختلافاتها سواء بالنسبة للأندية الكبرى أو المنتخبات الوطنية لم تعد فقط تتعلق بالرياضة والفنون والخطط الكروية ولا فقط «البيزنس» وبورصة اللاعبين إنما باتت أيضا تتعلق بجوانب ثقافية تخص مسألة الهوية والانتماء وغيرها.