بقلم:عمرو الشوبكي
تجرى فى العالم العربى فى نفس التوقيت تجربتان انتخابيتان: الأولى فى العراق والثانية فى مصر، وقد بدأت العراق انتخاباتها اليوم، ويمكن وصفها بأنها انتخابات لا تعرف تزويرًا فى صناديق الاقتراع وتراقبها هيئات دولية وتشهد تنافسًا حقيقيًا بين أطرافها، ولكنها تعانى من مشكلات تجعلها انتخابات «غير ناجحة»، لأنها تعيد إنتاج نفس القوى المهيمنة على منظومة الحكم العراقية منذ نحو ٢٠ عاما بصور مختلفة، فقد بقيت المحاصصة الطائفية سائدة وفشلت قوى الحراك الشعبى العراقى أن تغير من معادلات الحكم السائدة.
ورغم مقاطعة بعض الأطراف العراقية، مثل التيار الصدرى للانتخابات، إلا أن معظم القوى التى سيطرت على المشهد السياسى لازالت مستمرة دون تغيير يذكر، ولم ينجح النظام فى إنتاج نظام حكم جديد رغم التحسن الذى حدث فى أداء نخبته الحاكمة وفى أوضاعه الأمنية.
أما الانتخابات المصرية فهى تشبه الانتخابات، ويغيب عنها عناصر عديدة، صحيح أن أساس النظام السياسى المصرى ظل لفترة طويلة منذ إعلان التعددية المقيدة فى ١٩٧٦ قائما على ضمان أغلبية الثلثين لحزب الدولة الحاكم، ولكنه لم يحل دون وجود انتخابات تنافسية وفق النظام الفردى، وفى المرات التى اعتمد فيها النظام المختلط أى نظام القوائم النسبية والفردى كانت أيضا تشهد منافسات حامية جذبت قطاعا واسعا من المواطنين إلى المشاركة فى العملية الانتخابية نتيجة تنافس سياسى بين القوى المدنية والتيار الإسلامى، أو بين أحزاب المعارضة والحزب الحاكم، أو تنافس بين العائلات بعيدا عن السياسة فى كثير من القرى والنجوع.
ومن هنا سنجد أن مختلف النظم السياسية والانتخابية تحرص على عملية تنافسية ولو محكومة، كما يحدث فى كثير من البلاد العربية، وكما حدث فى مصر فى فترات سابقة من أجل جذب المواطنين للمشاركة فى مسار سياسى وانتخابى قانونى يساعد على الاستقرار، ويخرج التفاعلات التى تجرى فى بطن المجتمع إلى العلن، حتى لو لم تسفر هذه التنافسية عن تداول سلمى للسلطة كما جرى فى عهد الرئيس مبارك، أو تنتج نفس المنظومة كما يجرى حاليا فى العراق، إلا أنها تعمل على دفع المواطن إلى المشاركة فى الشأن العام وفى القضايا التى تخصه، سواء عن طريق اختيار ممثليه فى البرلمان أو فى المجالس المحلية والبلدية.
لا يوجد نظام سياسى فى الدنيا لا يحرص على جذب مواطنيه للمشاركة فى المسار السياسى والانتخابى، حتى لو كانت هناك خطوط حمراء لهذا المسار لا يسمح بتجاوزها، ولذا فعلينا ألا نندهش أن الانتخابات السابقة شهدت عزوفاً شعبياً عن التوجه لصنادق الأقتراع