بقلم:عمرو الشوبكي
مازالت قضية تسليم سلاح حماس أحد أسباب تعثر مفاوضات وقف إطلاق النار، ومازالت تعتبرها أمريكا وإسرائيل أحد شروط إتمام صفقة تبادل الأسرى وتحقيق هدنة الـ٦٠ يوما، وفى نفس الوقت مازالت حماس تتمسك بما تبقى من سلاحها، ولكنها قبلت أن تناقش هذه القضية بعد وقف إطلاق النار.
ورغم أن موقف حماس عكس تمسكا بالموقف الثابت الذى دعمته الشرعية الدولية فى حق فصائل المقاومة فى حمل السلاح لتحرير أرضها.. ولكن الحقيقة أن الوضع الحالى لغزة وللقضية الفلسطينية تجاوز هذا الموقف الثابت، وأصبحت القضية المطروحة ليست سلاح حماس إنما وجود الفلسطينيين وعدم تهجيرهم، وأن الاحتفاظ بهذا السلاح لن يحمى الشعب الفلسطينى من هذه المشاريع.
قضية القبول بتسليم سلاح حماس مشكلتها أنها لا تضمن انتهاء الحرب، إنما ستسحب ذريعة من يد إسرائيل فى استمرارها، فسلاح حماس الحالى أصبح مجرد أسلحة خفيفة، وقضت إسرائيل على صواريخها التى كانت تمتلكها ترسانتها قبل 7 أكتوبر، وبالتالى لم تعد قضية تسليم السلاح لها أى تأثير عملى على الأرض، سواء فى الردع أو المقاومة.
صحيح أنها خطوة رمزية؛ لأن دولة الاحتلال ترغب فى أن تضع كلمة نصر على مشهد الختام ونهاية الحرب، وتعتبر أن تسليم السلاح يعنى ذلك، لكن إذا حصلت حماس على ضمانات بأن تسليم سلاحها للسلطة الفلسطينية سيؤدى إلى إيقاف الحرب، فلتفعلها دون تردد حتى توقف جرائم الإبادة الجماعية التى تجرى بحق شعبها؛ لأننا أمام حرب أصبح هدفها هو القتل والتجويع والتشفى وليس هزيمة المقاومة أو حتى الاحتلال.
من الواضح أن قدرات حماس العسكرية أضعفت بصورة شبه كاملة وفتح الباب أمام فرص حقيقية للمقاومة السلمية والشعبية التى تضاعف مناصروها عربيا وعالميا، فى مواجهة القوى البكرى وجماعات المال والسياسة المؤيدة لإسرائيل، ولكنها تحمل فرصا للنجاح على خلاف معركة السلاح التى انتهى دورها فى الوقت الحالى والمستقبل المنظور.
إن صمود المقاومة المسلحة والتضحيات الاستثنائية التى دفعها الشعب الفلسطينى هى التى فتحت الباب لتقدم خيار المقاومة الشعبية والمدنية على مستوى العالم بما فيه أمريكا.. صحيح أن ردع إسرائيل بالأدوات المدنية لم يسفر عن نتائج ملموسة، لكن أيضا المقاومة المسلحة وعملية 7 أكتوبر وصلت لمحطتها الأخيرة ولم تحقق أهدافها العسكرية والسياسية، إنما فتحت الطريق أمام تيارات مدنية وشعبية تعمل على وقف جرائم الإبادة الجماعية فى غزة.
سيكون مطلوبا من الجانب الفلسطينى تقديم نخب جديدة من كوادره فى المهجر وفى الداخل وبين عرب 48 تكون قادرة على الالتحام مع هذه الموجة العالمية التى دعمت حقوق الشعب الفلسطينى وقامت بحملات قانونية وضغوط سياسية على دولة الاحتلال من أجل وقف الحرب وانهاء الاحتلال، وهو دور فى الوقت الحالى أهم من قضية تسليم السلاح.