بقلم:عمرو الشوبكي
لم تؤثر الضربة الأمريكية القوية على منشآت إيران النووية فقط، إنما أيضًا على حساباتها وردود أفعالها، وباتت المنطقة رهنًا بالرد الإيرانى الذى أمامه ثلاثة خيارات:
الأول تنفيذ التهديدات التى يطلقها القادة الإيرانيون بحق الولايات المتحدة، وأنهم سيستهدفون مصالحها وقواعدها وسيغلقون مضيق هرمز، وهو فى حال حدوثه سيولد ردود فعل قاسية من قبل الولايات المتحدة، وقد تنفلت الأمور تمامًا ونصبح أمام حرب شاملة يدفع ثمنها شعوب المنطقة والعالم.
أما الخيار الثانى فهو أن ترد إيران فقط «لحفظ ماء الوجه»، كما حدث عقب اغتيال قائد الحرس الثورى قاسم سليمانى فى بغداد، فقامت إيران باستهداف قاعدة عين الأسد، الأمريكية، فى العراق، بصورة شكلية لم يقتل فيها أحد، بما يعنى أن الرد سيكون موجهًا للرأى العام الداخلى، ليقول إن إيران لازالت قادرة على الرد، وبذلك تضمن عدم تدخل أمريكا فى الحرب بشكل واسع.
أما الخيار الثالث فهو أن تستمر الحرب بنفس الوتيرة الحالية، أى هجمات صاروخية إيرانية على تل أبيب والمدن الإسرائيلية، وغارات إسرائيلية مكثفة على المواقع العسكرية والمنشآت النووية الإيرانية، واستمرار استهداف قادة الجيش والحرس الثورى ومن تبقى من العلماء النوويين، وهى وتيرة قد تفتح الباب أمام مفاوضات لوقف الحرب والوصول لاتفاق نووى.
الخيار الأول صعب أن تقدم عليه إيران، ولكنه غير مستحيل، فهى تعلم أن نتائجه ستكون وخيمة، ليس فقط على قدراتها العسكرية والمدنية، إنما على نظامها السياسى، أما الخياران الآخران فهما صحيح أكثر «أمنًا» للجميع من الخيار الأول، إلا أنهما لا يضمنان حتى اللحظة الوصول لاتفاق وقف إطلاق النار.
خيارات إيران صعبة، ولكنها تمتلك أوراقًا قوة وقادرة على الصمود ووجهت ضربات قوية لإسرائيل، ولكنها تلقت ضربات مؤلمة من أمريكا وإسرائيل جعلت تفوق أعدائها واضحًا، ولكنه غير حاسم وغير صفرى.
اختيارات إيران ستحددها أوراق إيران الداخلية وتحالفاتها الخارجية، فمن ناحية هى فقدت أذرعها فى أكثر من بلد عربى، والتى فى المحصلة كانت أضرارها أكثر من فوائدها، ولكنها كسبت أنها أصبحت فى طريقها لتكون دولة طبيعية تعتمد على تحالفاتها مع الدول الأخرى.
وهنا يصبح السؤال إلى أى درجة يمكن أن تعتمد إيران على دعم حلفائها وتحديدًا روسيا والصين وباكستان؟، المؤكد أن هذه الدول تدعم إيران سياسيًا وإعلاميًا، أما عسكريًا فبقدر، ولكن هذا الدعم لا يقارن بالدعم الأمريكى لإسرائيل، وإنه حتى اللحظة تحسب هذه الدول مصالحها وثمن أى دعم كبير تقدمه لإيران بعيدًا عن «الدعم الكلامى»، وحرصها جميعًا على عدم إغضاب القطب الأمريكى، وخاصة الصين وباكستان.
من غير المتوقع حتى اللحظة أن نشهد دعمًا لإيران يقلب موازين الحرب أو يؤثر بشكل حاسم فى مسارها، كما تفعل أمريكا مع إسرائيل، ولذا فإن خيارات إيران ستبقى بين الصعب والأصعب.