بقلم : مصطفي الفقي
دعانى الأستاذ صلاح دياب ناشر المصرى اليوم لحضور ندوة عن كتابه الصادر مؤخرًا عن الدار المصرية اللبنانية وألقى ذلك فى نفسى ذكريات مسيرة طويلة من العلاقات التى ربطتنى بذلك الصديق عبر عشرات السنين، إذ إن فرعًا مشتركًا من عائلته كانت تربطنى به علاقة وثيقة وأعنى به صديقى الراحل الأستاذ شوقى أبو على زوج السيدة رفيعة ضياء حسين وهى حفيدة مباشرة للصحفى الكبير والكاتب المتميز فى عصره الأستاذ توفيق دياب، وظلت علاقتى بالأستاذ صلاح دياب تتأرجح قربًا وبعدًا على مدار السنين ولكنها بقيت على وتيرة واحدة هى الحوار العقلى بالدرجة الأولى، فالرجل يملك مخزنًا للأفكار ومصنعًا للمبادرات ورؤية شاملة للمستقبل
وذلك نمط من البشر أعتز به وأسعد له لأنه يعطى القدرة على استشراف المستقبل والغوص فى إمكانات ما هو قادم دون قيود تحكم أو حدود تمنع، فالفكر المتفتح والبصيرة البعيدة هما فى نظرى أداتان للقدرة على قراءة الواقع والبحث فيما وراءه، وصلاح دياب شخصية غير تقليدية بجميع المعانى صعد سلم الحياة العامة من درجاته الأولى حتى بلغ مبلغًا مرموقًا فى عالم الأعمال ورجاله داخليًا وخارجيًا، والميزة الحقيقية له أنه لا يستهجن فكرًا ولا يستبعد نظرة بل يمضى فى طريقه دون تردد أو تراجع بالإضافة إلى وعى شديد بقيمة المال والقدرة على توظيفه فى أفضل صوره، لذلك ارتبط اسمه بالمشروعات الناجحة والصفقات الذكية.، فهو يتميز بالجرأة فى قراراته وليست هناك حدود يقف عندها فى عمله، بل إن كل خطوة تمهد لخطوة أخرى أكثر بعدًا وأشد تأثيرًا، ولقد أصابه مسٌ من رياح السياسة العاتية، ودفع لذلك ثمنًا كبيرًا ولكنه استثمره فيما بعد على نحو يشهد له، كما كان إصدار صحيفة المصرى اليوم بمثابة تجديد لحياته الثقافية والفكرية بل والمالية أيضًا، وهو يلج طرقًا مفاجئة فقد هبط برؤية ثاقبة على مجال البترول فأبلى فيه بلاءً حسنًا وحقق نجاحاتٍ ملحوظة، وزادته الخبطات قوة وتأثيرًا، وحرص دائمًا على علاقاتٍ متوازنة بالسلطة الحاكمة فنجح فى معظمها وأخفق فى بعضها الآخر، رزقه الله ذرية صالحة يتصدرها ابنٌ اجتمعت فيه مكارم الأخلاق وابنة امتلكت ناصية العمل إلى جوار أبيها وهما وأختهما الثالثة نتاج تربية راقية لسيدةٍ فاضلة ابنة الأستاذ سعيد الطويل صاحب التاريخ العريض فى قطاع الأعمال ومجالات النشاط الاقتصادى.
إن صلاح دياب يتميز بالتلقائية الشديدة ظاهريًا، ولكنه يختزن فى أعماقه الكثير ويستطيع دائمًا أن يكون شخصية طريفة يستحوذ على الحديث ويسرق الكاميرا إذا جاز التعبير، ولا شك أن تلقائية الأسلوب الذى كتب به مذكراته تعد مؤشر نجاحٍ وعلامة على شخصيته الجذابة وروحه المرحة وفكره المستنير، وسيبقى كتاب مذكراته مرجعًا محايدًا لكل من يريد أن يعرف من هو صلاح دياب!