«عندما غرد البلبل» 2  2

«عندما غرد البلبل» (2 - 2)

«عندما غرد البلبل» (2 - 2)

 العرب اليوم -

«عندما غرد البلبل» 2  2

عمار علي حسن

ويعبر الأستاذ محمد قطب فى روايته «عندما غرد البلبل» عن ترميم العلاقة بين زوجين متباعدين، حين تولد الشفقة فجأة، من خلال نبوءة بمستقبل العلاقة بينهما، قائلاً: «سيبرأ، وسيعود معافى فى بدنه. أبتهل إلى الله أن يعود إلى عمله وعملائه وإلى بيته. ستعمل جهدها أن يعود إليها كل مساء محملاً بالرغبة. ستخلع له ملابسه، وتسقيه فنجانه الساخن، وستجلس على حافة سرير، تنتظر أن يحكى لها عما فعله فى يومه.. وما يمكن أن يفعله».

ورغم أن هذه حكاية معتادة تزخر بها الحياة الاجتماعية فى كل الأمكنة والأزمنة، فإن الكاتب لم يمنحها لنا طيعة على هذا النحو المباشر، إنما وسط شكل مراوغ، ، يتسم بتعدد الرواة، وتفاوت مستويات السرد، وترك فراغات كثيرة مفعمة بالتكهنات والتخمينات، وضن علينا ابتداء باسم بطلته حتى عرفنا فى صفحات متأخرة أنها «سميرة» وأخفى البطل الآخر، وهو الزوج، فلم يظهر فى البداية والنهاية، رغم أن طغيان حضوره منعكساً فى تفكير الزوجة وتدبيرها، وفى آمالها وآلامها، وفى ذكرياتها وخيالاتها، وفى حديث من حولها واقترابه، ناصحاً أو طامعاً.

ويبدو الاختلاط فى استعمال الضمائر سمة أساسية لهذه الرواية، فالكاتب يتنقل بلا سد ولا حد بين ضمائر المتكلم والغائب والمخاطب، فيجد القارئ نفسه متأرجحاً بين أنا وهى وأنت، وعليه أن يبذل جهداً فى التتبع والفهم، حتى لا يهرب منه مجرى الحكى، ويدرك متى ينتهى الراوى ليبدأ الكاتب، وقد امتد هذا إلى الحوار، الذى تناثر فى ثنايا الرواية بين لوحات سردية، وهو إن كان قد أضاف كثيراً فى نقل مسار الحكى إلى الأمام، فإنه هو الآخر يحتاج إلى قدر من التركيز، كى نعرف من يتكلم؟ ومتى؟ ولماذا؟

ووزع الكاتب روايته على عناوين فرعية، بدا كل منها مفتاحاً لقراءة الجزء الذى يليه من النص، ومنها «الجرعة الأخيرة» و«بحر التيه» و«سحر الخفاء» و«ذئاب الريح» و«ذكريات» و«زيارة امرأة غريبة» و«حيرة روح» و«أساور» و«الدرج المظلم» و«أنامل الليل». ومن يمعن النظر فى هذه العناوين يجد أنها تؤدى وظيفة فى تقريب النص، بل تعبر عن مساره، ونزوعه إلى الاستبطان والحوار الداخلى للبطلة، والميل الشديد إلى سبر أغوار نفسها، وهى مسألة يوليها الكاتب اهتماماً كبيراً فى مواضع كثيرة من روايته.

فى خاتمة المطاف نحن أمام رواية تتخذ من وقائع اجتماعية معتادة موضوعاً لها، ولذا فإن شخصياتها نابتة من الواقع، وتتحرك فى سياق اجتماعى تغلب عليه المحافظة، وحتى حين جاءت لحظة التغيير العارم، ممثلة فى ثورة يناير التى ترد بعض أحداثها فى القسم الأخير من الرواية، نجد البطلة المقهورة تبقى على حالها مستكينة خانعة، دون أن تجارى سياقاً مشبعاً بالرفض الواسع، بل تظلم نفسها حين تتوهم أن الشفقة على زوجها المصاب هو ميلاد للحب فى قلبها، فهناك فرق كبير بين الشفقة والعشق.

arabstoday

GMT 15:45 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

دوائر دوائر

GMT 15:44 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

تصدوا للتضليل

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

أهواءُ إسرائيلَ وأهوالها

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

وحدات وانفصالات ومراجعات في المشرق!

GMT 15:42 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

من «غلاف غزة» إلى «غلاف الإقليم»

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

مطلب التدخل الدولي بوقف الحرب

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العودة إلى نقطة الصفر!

GMT 15:40 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العالم... وحقبة استعمارية للأراضي القطبية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«عندما غرد البلبل» 2  2 «عندما غرد البلبل» 2  2



نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:39 2025 الخميس ,24 تموز / يوليو

مصرع 10 رجال إطفاء في احتواء حريق بتركيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab