لا شيء يدعو للقلق

لا شيء يدعو للقلق

لا شيء يدعو للقلق

 العرب اليوم -

لا شيء يدعو للقلق

محمد سلماوي

قادتنى وعكة صحية ألمت بى إلى أحد مستشفيات حى المعادى الهادئ لإجراء فحوصات شاملة كان قد حل موعدها الدورى، وقد صحوت من نومى فى اليوم التالى مفزوعاً على صوت صراخ وعويل فتيات المدرسة المقابلة للمستشفى، فكدت أطلب إخطار البوليس بالمصيبة التى وقعت بالمدرسة، والتى تشير تصرفات الفتيات إلى أنها لابد هائلة.

لكن المسؤولين بالمستشفى طمأنونى أنه لا شىء يدعو للقلق، وأن هذه هى ساعة دخول الطالبات المدرسة، وتلك الجلبة لا شىء وراءها على الإطلاق.

وتوالت بعد ذلك نوبات الصراخ والعويل عدة مرات خلال الصباح تبينت منها أن الطالبات يكررن وراء مدرساتهن بعض العبارات التى من بينها سمعت بعض كلمات النشيد الوطنى وبعض الأشياء الأخرى مثل جدول الضرب أو غير ذلك، تماماً كما فى الكتاتيب، وكان صوت المدرسة يأتى كلما خفت صراخ الطالبات آمراً: أعلى! فيتكرر صياح الفتيات صارخاً بصوت أعلى.

ثم فجأة انفجر الصراخ بشكل مخيف، فقلت: هذه المرة لا يمكن ألا يكون هناك شىء يدعو للقلق، وخرجت بسرعة إلى الشرفة، فوجدت جميع طالبات المدرسة وقد خرجن إلى الفسحة فى حوش المدرسة الأسمنتى الضيق ليقفن بالعشرات متلاصقات جنباً إلى جنب بلا أى مساحة للحركة وكأنهن دجاجات فى قفص لا تستطيع أى منهن الحراك يميناً أو يساراً، فتتحرك عوضاً عن ذلك بصوتها الذى خلته قد وصل لآخر الضاحية، وكن جميعاً محجبات بلا استثناء واحد، رغم تباين أعمارهن.

عدت إلى غرفتى وأحكمت إغلاق الشرفة لأقلل صوت تلك الصرخات الملتاعة التى لا أعرف ما علاقتها بالتعليم، وبدأت أفكر فى عبارة ألا شىء يدعو للقلق، فوجدت نفسى أشعر بالقلق، قلق على مستقبل بلد هذا هو مستوى وشكل التعليم فيه، أى نوعية من المواطنات ستخرجها تلك المدرسة التى بدت مدرسة ضخمة وأفضل من مدارس أخرى كثيرة مستواها أقل بكثير، ومن أين نبدأ الإصلاح؟

إن هذا المشهد المخيف للحوش الأسمنتى الضيق الذى تكدست فيه الطالبات بالعشرات غير قادرات على الحركة ظل عالقاً بذهنى طوال اليوم، هل كن يصرخن مستغيثات بشكل لا إرادى من هذا الموقف غير الآدمى؟ ومن ذلك التعليم الذى يلغى عقولهن التى غطاها الحجاب؟

لقد حرصنا على أن نضع فى الدستور أن على الدولة أن تلتزم بتخصيص النسبة المئوية التى نص عليها الدستور من الدخل القومى للتعليم وهى 6٪، ووقتها اتصل رئيس الوزراء برئيس لجنة الدستور يرجوه إلغاء تلك النسبة التى قال إنها مستحيلة التحقيق، لكن اليوم أتساءل: هل تكفى نسبة 6٪ لإصلاح تلك الصورة المتخلفة التى شاهدتها من غرفتى بالمستشفى؟! لا أعرف، ما أعرفه على وجه اليقين أنه ليس صحيحاً ألا شىء يدعو للقلق.

arabstoday

GMT 12:24 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

كيف سيتحرك المجتمع الدولي والعرب لا يتحركون؟!

GMT 12:22 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

الزمالك والأهلي و... دجلة

GMT 12:21 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

أهكذا يدار القرار الحكومي ؟!

GMT 12:17 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

العدوان على قطر 9 سبتمبر.. التوقيت والأهداف

GMT 12:16 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

العنف في المجتمعات الديموقراطية!

GMT 12:14 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

حروب إسرائيل ودروس الحرب العالمية الثانية

GMT 07:24 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

سيرة المؤشر

GMT 07:22 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

هل ضجر العالم من الواحدية الأميركية؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا شيء يدعو للقلق لا شيء يدعو للقلق



هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 03:47 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

إسرائيل تعلن طلب مسؤولين بحماس مغادرة غزة

GMT 01:56 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

شأن ما جرى في قطر!

GMT 12:17 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

هل يمكن العودة للسلام؟

GMT 03:52 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

جيش الاحتلال يعتقل شابًا سوريًا بريف القنيطرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab