بكين - العرب اليوم
أعلنت الصين، الأربعاء، تعليق الرسوم الجمركية الإضافية البالغة 24% على السلع الأميركية لمدة عام واحد، مع الاحتفاظ برسوم بنسبة 10% على هذه السلع، في خطوة تهدف إلى التخفيف من حدة التوترات التجارية مع الولايات المتحدة. كما قررت بكين إلغاء بعض الرسوم الجمركية التي تصل إلى 15% على السلع الزراعية الأميركية، اعتباراً من 10 نوفمبر الجاري. وجاءت هذه القرارات بعد اجتماع عقد الأسبوع الماضي بين الرئيسين الصيني شي جين بينج والأميركي دونالد ترمب في كوريا الجنوبية، حيث أعلن الجانبان عن التوصل إلى "هدنة تجارية".
يأتي هذا القرار في ظل منافسة تجارية متصاعدة بين واشنطن وبكين، تمتد جذورها إلى أكثر من عقدين، مع تبادل الولايات المتحدة والصين إجراءات اقتصادية للحد من نفوذ الآخر. فقد استخدمت الصين في السابق قيوداً على صادرات المعادن النادرة والمكونات المغناطيسية المتقدمة، ما أثر على الصناعات العسكرية في الولايات المتحدة وأوروبا وأعاق جهود دعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا. بينما ركزت الولايات المتحدة، في إطار سياسات الرئيس ترمب وإدارته، على تقليص الاعتماد على الصين من خلال دعم الصناعات المحلية، بما في ذلك أشباه الموصلات والطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية، معتبرة أن الأمن القومي يبرر هذه الإجراءات حتى ولو كانت مخالفة لقواعد منظمة التجارة العالمية.
كما أن المنافسة بين القوتين تتوسع لتشمل البعد العسكري في شرق آسيا، خصوصاً في تايوان وبحر الصين الجنوبي، حيث يرى محللون أن توترات التجارة والتكنولوجيا لها انعكاسات مباشرة على الاستراتيجية العسكرية للولايات المتحدة. ومع أن الصين تصر على الحفاظ على مكانتها في الأسواق العالمية، فقد اتبعت سياسات حماية للصناعات المحلية ونظاماً صارماً لترخيص تصدير المعادن النادرة والمكونات المغناطيسية، ما منحها ميزة استراتيجية في هذا القطاع الحساس.
على الرغم من الخطوة الأخيرة لتخفيف الرسوم الجمركية، لا تزال العلاقة بين الصين والولايات المتحدة متوترة، حيث يسعى الطرفان لتحقيق توازن بين مصالحهما الاقتصادية والأمنية. بينما تهدف الصين إلى تخفيف القيود الأميركية على صادراتها من التكنولوجيا المتقدمة، تسعى واشنطن للاستفادة من إعانات حكومية وتنمية إنتاجها المحلي لتقليل الاعتماد على الصين، بما في ذلك في قطاع المعادن النادرة والمكونات المغناطيسية الحساسة.
ويُنظر إلى الإجراءات الأخيرة من بكين على أنها جزء من استراتيجية أوسع لإدارة الاقتصاد الوطني مع الحفاظ على النفوذ التجاري والسياسي على الصعيد العالمي، في وقت تتخذ فيه الولايات المتحدة خطوات لتحديث قواعد صناعاتها الحيوية وحماية مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية. وقد يشكل هذا الصراع المستمر بين القوتين تحدياً لنظام التجارة العالمي التقليدي الذي أسسته الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، ويثير تساؤلات حول شكل العلاقات التجارية الدولية في السنوات المقبلة.
قد يهمك أيضــــــــــا
أرسل تعليقك