القاهرة ـ العرب اليوم
أشارت دراسة حديثة، نُشرت في منتصف شهر أغسطس (آب) من العام الحالي في مجلة الصحة البيئية «BMC Environmental Health» إلى احتمالية أن يتسبب تعرض الجنين لدواء الباراسيتامول paracetamol قبل الولادة، في زيادة خطر الإصابة باضطرابات النمو العصبي؛ مثل اضطراب طيف التوحد واضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD) لاحقاً في مرحلة الطفولة.
استخدام واسع للباراسيتامول خلال الحمل
تُعد نتائج هذه الدراسة التي قام بها باحثون من كلية الطب في إيكان في جبل سيناء (Icahn School of Medicine at Mount Sinai) في الولايات المتحدة، في غاية الأهمية لأن الباراسيتامول (المعروف بالعديد من الأسماء التجارية مثل البنادول والتايلينول) من أكثر مسكنات الألم وخفض الحرارة شيوعاً في العالم كله على الإطلاق لأنه يُصرف دون وصفة طبية في أثناء الحمل نظراً لكونه الأكثر أماناً على الجنين. وعلى وجه التقريب تزيد نسبة استخدامه على 50 في المائة في أثناء الحمل لعلاج نزلات البرد والآلام البسيطة.
دراسة مراجعة
قام الفريق البحثي بمراجعة 46 دراسة من بلدانٍ متعددة لمعرفة المخاطر المحتملة لتناول الباراسيتامول في أثناء الحمل على صحة الجنين حيث أظهرت 27 دراسة وجود ارتباط قوي بين تناول الباراسيتامول خلال الحمل وزيادة فرص الإصابة باضطرابات النمو العصبي وبشكل خاص التوحد ونقص الانتباه وفرط النشاط. وفي المقابل أظهرت تسع دراسات عدم وجود ارتباط بين الاضطرابات العصبية في الطفولة وتناول الدواء خلال الحمل.
اضطرابات النمو العصبي للجنين
من المعروف أن دواء الباراسيتامول يستطيع عبور المشيمة ليصل إلى الجنين. وعلى الرغم من مساحة الأمان الكبيرة للدواء فإنه يمكن أن يعطل عمل هرمونات معينة ويُسبب تغيرات جينية يمكن أن تُؤثر بالسلب على نمو الجهاز العصبي للجنين، لذلك يفضل عدم تناول أي أدوية مهما كانت درجة الأمان في استخدامها (كلما أمكن) في أثناء فترة الحمل.
وأوضح الباحثون أن نتائج الدراسة لا تعني بالضرورة أن الباراسيتامول يسبب خللاً في النمو العصبي للجنين، ولكن تعني أن تناوله في أثناء فترة الحمل يجب أن يكون بحذر؛ نظراً إلى الآثار الجانبية المحتملة على نمو الجنين على الرغم من أنه لا يزال الدواء الأفضل والأكثر أماناً حتى الآن ولا يمكن تجنب استخدامه تماماً لأن البدائل الأخرى أقل أماناً.
تقليل جرعات تناول الدواء
أوصت الدراسة النساء بعدم تناول جرعات كبيرة من الباراسيتامول في أثناء فترة الحمل لفترات طويلة إلا عند الضرورة القصوى، لأن الارتباط بين تناوله وحدوث خلل في النمو العصبي للجنين يعتمد على مدة العلاج والجرعة التي يتم تناولها، ولذلك كلما قلَّت فترة العلاج وكانت الجرعة العلاجية أقل قلَّت خطورة حدوث أعراض جانبية على الجهاز العصبي للجنين.
تجربة بدائل العلاج الطبيعية
ونصح الباحثون بتجربة العلاج بالبدائل الطبيعية غير الدوائية لخفض درجة الحرارة البسيطة في البداية وقت الإصابة بنزلات البرد؛ مثل استخدام الكمادات الباردة، أو الاستحمام، مع الراحة وتناول كمية كافية من السوائل الدافئة، إذ تعد نزلات البرد السبب الأهم لتناول الدواء في أثناء فترة الحمل.
وأكدت الدراسة ضرورة علاج ارتفاع درجة حرارة الأم في حالة فشل الطرق الطبيعية في خفض درجة الحرارة خلال فترة الحمل بدواء الباراسيتامول؛ لأن عدم علاج الألم أو الحمى يمكن أن يُلحق الضرر بالجنين، ولذلك يجب على الطبيب عمل موازنة بين فوائد تناول الدواء وخطورة الآثار الجانبية المترتبة على استخدامه حسب كل حالة.
في النهاية أوضح العلماء أن استخدام أي دواء خلال فترة الحمل يجب أن يكون بحذر تام ويفضَّل عدم تناول أي أدوية تماماً إلا بعد استشارة الطبيب المعالج حتى المتاحة من دون وصفة طبية وتتمتع بمساحة أمان كبيرة.
قد يهمك أيضـــــــــــا
أرسل تعليقك