باريس ـ العرب اليوم
في خطوة إنسانية تهدف إلى إنقاذ النظام الصحي المتدهور في قطاع غزة، أعلنت مجموعة من الدول الغربية والأوروبية، من بينها كندا وفرنسا وألمانيا، عن استعدادها لتقديم مساهمات مالية وطبية، تشمل طواقم علاجية ومعدات، بهدف المساعدة في علاج المرضى من غزة، سواء داخل القطاع أو في مستشفيات الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية.
وجاء ذلك في بيان مشترك صدر عن كندا مساء الاثنين، وقّعت عليه 24 دولة من بينها النمسا وبلجيكا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا، إلى جانب الاتحاد الأوروبي. وقد غابت الولايات المتحدة بشكل لافت عن قائمة الدول الموقعة على البيان، في موقف أثار تساؤلات بشأن مدى التزام واشنطن بالجهود الإنسانية في الأراضي الفلسطينية.
وجاء في البيان: "نناشد إسرائيل بشدة أن تعيد فتح الممر الطبي إلى الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، حتى يمكن استئناف عمليات الإجلاء الطبي للمرضى من غزة، وتأمين حصولهم على الرعاية الصحية العاجلة التي هم في أمسّ الحاجة إليها في الأراضي الفلسطينية".
وكانت منظمات إغاثة قد حذرت منذ أواخر أغسطس/آب من تفاقم الأزمة الصحية في القطاع، مشيرة إلى أن المساعدات الضرورية، وعلى رأسها الأدوية، لم تصل إلى غزة بالشكل الكافي، على الرغم من إعلان إسرائيل في مايو/أيار رفع بعض القيود على دخول المساعدات الإنسانية. وفي ذلك الشهر، أعلنت منظمة الصحة العالمية أن النظام الصحي في غزة "على حافة الانهيار الكامل"، في ظل نقص الإمدادات الطبية وارتفاع أعداد المصابين.
وتتحكم إسرائيل بجميع المعابر الحدودية لقطاع غزة، وتصرّ على أنها تسمح بإدخال ما تعتبره "كميات كافية" من الغذاء والمساعدات، رغم ما تشير إليه التقارير الأممية والحقوقية من أن تلك الكميات لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات السكان.
وقد أثارت مشاهد الأطفال والنساء في غزة وهم يعانون من الجوع وسوء التغذية، غضبًا عالميًا متزايدًا، لا سيما بعد أن أدى الهجوم الإسرائيلي المتواصل على القطاع، منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، إلى مقتل عشرات الآلاف، وتشريد السكان بشكل شبه كامل، والتسبب في أزمة مجاعة شاملة. وقال خبراء حقوق الإنسان ولجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة إن هذا الهجوم قد يرقى إلى مستوى "الإبادة الجماعية".
وتصرّ إسرائيل على أن عملياتها العسكرية تأتي في إطار "الدفاع عن النفس"، بعد هجوم حركة حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، والذي أسفر حينها عن مقتل نحو 1200 شخص، وأسر أكثر من 250 آخرين، لا يزال العديد منهم محتجزين في غزة.
في سياق متصل، واصل عدد من الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة، وعلى رأسهم بريطانيا وفرنسا، دعمهم للاعتراف بدولة فلسطينية في الأمم المتحدة، كخطوة ضرورية لإحياء مسار حل الدولتين. هذا الموقف جاء في وقت لا تزال فيه واشنطن ترفض الانضمام إلى هذا التوجه، ما يعكس تباينًا متزايدًا بين مواقفها ومواقف حلفائها التقليديين.
هذا التحرك الأوروبي الغربي يعكس، بحسب مراقبين، قلقًا دوليًا متزايدًا من استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية في غزة، وعجز المجتمع الدولي عن ضمان حقوق الفلسطينيين في الحصول على العلاج والرعاية الطبية، في ظل الحصار المستمر والإغلاق المتواصل للممرات الإنسانية.
أرسل تعليقك