عملية استعادة التوازن

عملية استعادة التوازن

عملية استعادة التوازن

 العرب اليوم -

عملية استعادة التوازن

غسان شربل

هذه صفحة جديدة في الشرق الأوسط. ما بعد «عاصفة الحزم» ليس كما قبلها. تغيرت لغة التخاطب في الإقليم. انتهى عهد المجاملات وتغطية الأزمات بالابتسامات. وحين تقود السعودية تحالفاً من هذا النوع، في مهمة من هذا النوع، فهذا يعني أنها استنفدت تماماً ترسانة أسلحة الصبر لديها. القرار السعودي محاولة جدية لتصحيح التوازنات التي اختلت في المنطقة، محاولة جدية لاستعادة التوازن في المنطقة ولإنهاء مرحلة استضعاف العرب وأهل الاعتدال. وكشفت ردود الفعل الأولى على القرار حجم الثقل السعودي عربياً وإسلامياً ودولياً.

والمسألة أكبر بالتأكيد من الحوثيين وشعاراتهم، وأكبر أيضاً من مرارات الرئيس علي عبد الله صالح وحنينه إلى القصر. المسألة رسالة صريحة ومدوية موجهة إلى إيران. وهي ليست سعودية فقط، إنها أيضاً رسالة خليجية ومصرية وأردنية ومغربية وسودانية وباكستانية. ولا تحتاج إيران إلى من يشرح لها معنى وقوف هذه الدول ضد الانقلاب الحوثي على الشرعية اليمنية، وأن الخيط الذي يربط بين هذه الدول هو عدم قبولها بالانقلاب الذي تقوده إيران على مستوى الإقليم.

إننا أمام صفحة جديدة. العملية التي انطلقت لدعم الشرعية في اليمن تحظى بدعم واسع على الصعد العربية والإسلامية والدولية، وهي جاءت في وقت حساس، عشية الموعد المفترض للتوصل الى اتفاق بين إيران والدول الغربية حول الملف النووي، وعشية قمة عربية كان يفترض أن تنشغل بما حصل في الموصل وإذ بها تنشغل بما يحصل في عدن.

وكشف انطلاق العاصفة أمس، عن أن إيران في موقع الأقلية، وأن الدول الوازنة في العالمين العربي والإسلامي لا تقر لها بحق الاضطلاع بالدور الذي تتطلع إليه وبالأسلوب الذي تعتمده في انتزاع هذا الدور. فتح سلوك الحوثيين في اليمن ملف سلوك إيران في الإقليم، وهذه المرة على نار حامية.

ذهب الحوثيون بعيداً. تجاوزوا الخطوط الحمر. تجاهلوا حقائق التركيبة اليمنية وتوازناتها. تجاهلوا حساسيات الخريطة اليمنية ومحيطها. أوقعتهم تحالفاتهم الداخلية والخارجية في غرور القوة. تقدموا إلى حيث لا يحق لهم. اجتاحوا صنعاء واحتجزوا الرئيس الذي يعترف العالم بشرعيته. نجح الرئيس في الإفلات منهم. طاردوه إلى حيث لا يحق لهم، أي إلى عدن. ذهب الحوثيون بعيداً.

ذهب علي عبد الله صالح بعيداً في معركة الثأر. كأنه أراد أن يصفي كل حساباته دفعة واحدة مع من يحملهم مسؤولية اختصار عهده المديد في القصر. لم يطق رؤية الأختام في يد من كان نائبه. لم يطق العيش في عهد من كان يعيش في عهده. سهَّل للحوثيين التهام الجيش وأسلحته والتهام صنعاء. ذهب أبعد من ذلك. هدد الرئيس عبد ربه منصور هادي بطرده من عدن ووضع في تصرف الحوثيين الألوية التي طالما دانت بالولاء له. تجاوز الخطوط الحمر.

ذهبت إيران بعيداً في اليمن. دعمت الحوثيين في مغامرة كسر التوازنات الراسخة. دعمتهم في محاولتهم تغيير موقع اليمن الإقليمي. سارع الجنرالات الإيرانيون إلى الاحتفاء بالانتصار اليمني وربطه بما حققوه في العراق وسورية ولبنان، واحتفلوا بما أحدثوه من تغييرات بين البحر المتوسط والبحر الأحمر. تجاهلت إيران حساسيات الخريطة اليمنية. بدت مستعجلة في فرض أمر واقع قبل توقيع الصفقة النووية مع واشنطن. دعمت أقلية ضد أكثرية، متجاهلة الحساسيات المذهبية. تلاعبت بموقع اليمن كمن يحاول استكمال تطويق السعودية.

جملتان تفسران سلوك إيران في المنطقة، وخصوصا في اليمن. يقول المسؤولون في طهران إن بلادهم ليست دولة مهمة في الإقليم بل الدولة الأهم فيه. يقولون أيضاً إن دولتين تملكان تأثيراً كبيراً في الشرق الأوسط، وهما إيران وأميركا. الدولة الأهم تبيح لنفسها محاولة تغيير ملامح الإقليم بما ينسجم مع مصالحها. الحديث عن دولتين مؤثرتين يرمي إلى إنكار الثقل الإقليمي للسعودية ومصر وتركيا.

إننا أمام صفحة جديدة. ما بعد «عاصفة الحزم» ليس كما قبلها. سواء في اليمن أو في مسارح أخرى. فإما مواجهة مفتوحة لرسم حدود الأدوار بالدم وإما قبول بتصحيح التوازنات لفتح باب التفاوض حول ترتيبات الأمن والاستقرار في الإقليم.

arabstoday

GMT 23:51 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 23:10 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 23:06 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 21:15 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 20:59 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نجيب محفوظ كاتب أطفال

GMT 20:56 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

أرجوحة الخديو

GMT 20:54 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

رفح وعلم التخصص وأسئلة النساء

GMT 20:48 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

روشتة لمواجهة الحر!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عملية استعادة التوازن عملية استعادة التوازن



GMT 23:31 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
 العرب اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 22:06 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

3 عمليات حوثية ضد سفن ومدمرات أميركية وإسرائيلية

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره

GMT 22:17 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

تونس تنتشل 14 جثة لمهاجرين غير شرعيين قبالة جربة

GMT 15:32 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

ملك الأردن يأمر بإجراء انتخابات مجلس النواب

GMT 18:03 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"

GMT 10:46 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 5.3 ريختر يضرب شرق إندونيسيا

GMT 01:08 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نانسي عجرم بإطلالات عصرية جذّابة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab