اعترافات ومراجعات 93 جلال هريدي وسوريا

اعترافات ومراجعات (93) جلال هريدي وسوريا

اعترافات ومراجعات (93) جلال هريدي وسوريا

 العرب اليوم -

اعترافات ومراجعات 93 جلال هريدي وسوريا

بقلم : مصطفى الفقي

 

إنه الضابط المصرى الجسور جلال هريدى، أحد مؤسِّسى سلاح الصاعقة فى الجيش المصرى منذ خمسينيات القرن الماضى.. إنه نموذج للمصرى الشجاع الذى يتدفق وطنية ويتألق ولاءً لمصر، وقد رحل الرجل عن عالمنا بعد أن نال تكريمًا فخريًّا بمنحه رتبة فريق شرفى تتويجًا لتاريخه الطويل وسجله الحافل الذى سطر فيه ذلك الضابط الشجاع أروع الصفحات وأكثرها تميزًا، رحل الرجل وهو يشغل منصب رئاسة حزب حماة الوطن بكل ما يرمز إليه من مظاهر الوطنية الحقة والاندماج الواضح بين الشعب وجيشه، ولجلال هريدى مواقف لا تُنسى، منها ما جرى غداة الانفصال بين مصر وسوريا، حيث حكى لى شخصيًّا الكثير عما جرى لرموز القوات المسلحة للجمهورية العربية المتحدة فى ذلك الوقت، وما أكثر الجلسات التى جمعتنى فى السنوات الأخيرة بذلك الأخ الكبير وأنا أستمع إلى سردياته من خلال مذكراته حينما كان ضابطًا ذا بأس صاحب كلمة مسموعة ومكانة مرموقة، لذلك جرى القبض عليه يوم الانفصال وإيداعه أحد سجون سوريا، ثم جرى الحكم عليه بالإعدام، فى وقت تحركت فيه بعض القوات الخاصة من القاهرة لإخماد الفتنة وقمع الانفصال، ولكن عبدالناصر رأى أن الاقتتال بين أبناء الجيشين فى إطار الوحدة سوف يكون مغامرة خطيرة يخسر فيها الطرفان معًا، وبالفعل أمر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بإيقاف تحرك القوات الخاصة والمظليين، الذين كان يزمع الجيش تحريكهم لإنهاء الفتنة فى مهدها والقضاء على محاولة الانقلاب التى أدت إلى إجهاض التجربة الوحدوية النادرة فى التاريخ العربى، وعندما وقعت نكسة ١٩٦٧ انحاز جلال هريدى تلقائيًّا إلى قائد الجيش، المشير عبدالحكيم عامر، ودفع لذلك ثمنًا باهظًا فى بقية سنوات عمره، وقد عرفناه نحن الدبلوماسيين المصريين من خلال عمله ملحقًا عسكريًّا فى السفارة المصرية بمدريد، كما سمع كل المصريين نداء الراديو من القاهرة رمزيًّا لاسمين من قادة القوات الخاصة يطلب منهما العودة إلى موقع معين فى خضم العمليات العسكرية، وقد كان ذلك النداء موجهًا إلى جلال هريدى وزميل له فى ساحات القتال، وهنا ألفت النظر إلى أن الخامس من يونيو ١٩٦٧ هو توقيت بداية الهزيمة العسكرية التى حاقت بنا، إلا أنه لم يخلُ من بطولات مغمورة ذهبت مع الشهداء الأبطال، وانطوت بين ثنايا صفحات ذلك النضال الصامد فى ذلك اليوم الصعب من تاريخنا الحديث، ولقد لفتت نظرى أحداث سوريا الجديدة وسقوط نظام بشار الأسد ووصول مجموعة مختلفة إلى سدة الحكم ومركز صنع القرار فى دمشق، وأقول إن تلك الأحداث تواكبت مع رحيل جلال هريدى، وكأنما أراد الله للرجل أن يرى الدولة الشقيقة التى حكم عليه فيها الطغاة بالإعدام هى نفسها الدولة شديدة الصلة بمصر عبر التاريخ حتى رحل ضابط كبير فى القوات المسلحة مع يوم زوال الغمة عن سماء الأمة بسقوط ذلك النظام الديكتاتورى فى دمشق بكل ما كان له وما كان عليه.

إن ذكرياتى مع جلال هريدى لا تغرب عن ذهنى أبدًا، خصوصًا أن الرجل كان قوى الذاكرة حاضر الذهن رغم أنه كان يمخر عباب التسعينيات من عمره، ولكنه ظل دائمًا مشاهدًا ومراقبًا ومتابعًا لكل ما يحدث حوله بحس وطنى ورؤية حصيفة لكل التطورات التى تدور فى أرض مصر وعالمنا العربى. رحمه الله ابنًا بارًّا للعسكرية المصرية فى تاريخها المجيد.

arabstoday

GMT 15:45 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

دوائر دوائر

GMT 15:44 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

تصدوا للتضليل

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

أهواءُ إسرائيلَ وأهوالها

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

وحدات وانفصالات ومراجعات في المشرق!

GMT 15:42 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

من «غلاف غزة» إلى «غلاف الإقليم»

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

مطلب التدخل الدولي بوقف الحرب

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العودة إلى نقطة الصفر!

GMT 15:40 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العالم... وحقبة استعمارية للأراضي القطبية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعترافات ومراجعات 93 جلال هريدي وسوريا اعترافات ومراجعات 93 جلال هريدي وسوريا



نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:39 2025 الخميس ,24 تموز / يوليو

مصرع 10 رجال إطفاء في احتواء حريق بتركيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab