لَعَنَ الله شَيْخَك

لَعَنَ الله شَيْخَك

لَعَنَ الله شَيْخَك

 العرب اليوم -

لَعَنَ الله شَيْخَك

بقلم : علي الرز

سواء صحّتْ المعلومات أو لم تصحّ عن كوْن المشتبه به في تفجير لندن الأخير لاجئاً لدى عائلةٍ بريطانيةٍ أَوَتْه وأَطْعَمَته وصَرَفتْ عليه وحاولت ْتعليمَه اللغة الإنجليزية، فإن ظاهرةَ التعدّي والتطرّف والإجرام في الموروث العربي والإسلامي تستحقّ ثورةً فكرية وقانونية لا "فوْرةً" انتقادية فحسب.

حتى انتقاد بعض العربان المشوب بشيءٍ من التبرير مثل "السكوت الغربي عن جرائم إسرائيل" هو نوعٌ من المشاركةِ في الجريمةِ بل وتشجيعٌ عليها، فالربطُ هنا لا يستقيم إلا في العقل السقيم، ناهيك عن إثبات صحّة نظرة بعض الغربيين في العرب وإسرائيل بل وتوسيعها مع كل عمليةٍ إرهابيةٍ لتشمل حتى المتعاطفين مع العرب أو المحايدين في أوروبا وأميركا.

كيف تُقْنِع غَرْبيّاً قَتَلْتَ ابنَه الذاهب الى المدرسة بأنكَ فعلتَ ذلك نُصْرَةً للفلسطينيين او للسوريين او للعراقيين؟ تُغِير مقاتلةٌ إسرائيلية على هدفٍ فلسطيني فَتَنْتَقِم من المسافرين في مطار بروكسيل. يَقتل نظام بشار الأسد شعبَه بالبراميل المتفجّرة بمساعدةِ إيران وحزب الله فتردّ بقتْل السائحين في مقهى باريسي. يُبيد صدام حسين ربْع العراقيين ويحتلّ دولاً مُجاوِرة ثم يَسقط بغزوٍ أميركي وتنفلتْ غرائز وعصبيات طائفية وتَحصل مَجازر وتَنْتَعِش دويلات التطرف ... فتردّ بتفجير مسرحٍ في مانشستر وقتْل مراهقين كل جريمتهم أنهم يَنتمون الى ثقافة الحياة.

 المُبَرِّرون صاروا أكثر من مشجّعين للجرائم. نزلوا من المدرّجات الى أرض الملعب وساعدوا في تمريرِ كراتِ الكره والبغض والحقد الأَسْود للاعبين الذين يسجّلون في مرماهم أهدافاً إرهابية ويستمرّون في الخسارة وحصْد المراكز الأخيرة في سلّم الترتيب الحضاري. أما الربطُ بين العمليات القذِرة وبين نُصْرَة الإسلام فهذا هو الكُفْر البَيِّن بعيْنه.

ويا مَن جهّزْتَ قنبلةً وذهبتَ بها الى مسْرحٍ وفجّرتَ نفسكَ بها حاصداً صبايا وشباناً في عمْر الورد وأنتَ تهتف "الله أكبر"، ويا مَن حاولتَ تفجير مترو وخانَتْك التقنية فهربتَ وأنتَ تهتف "الله أكبر"، ، ويا مَن طعنتَ سائحاً وأنتَ تهتف "الله أكبر"، ويا مَن أطلقتَ النار على مسافرين في مطارٍ وأنتَ تهتف "الله أكبر"... لَعَنَ الله شَيْخَكَ الذي علّمكَ أنّ قتْل الأبرياء مَدْخَلٌ الى آخِرةٍ أَفْضَل. لَعَنَهُ الله لأنه أَقْنَعَكَ بأن حياتك التي وهبها لك ربّ العالمين لا تستحقّ ان تعيشها بل هي معبرٌ إلزامي الى الموت يفوز به أكثر مَن يَسْبق الآخر اليه، وأَوْهَمَكَ بأن الآخَر "مُلْحِد وكافِر" والاقتصاص منه فرْضٌ عليكَ كي تَنْعَمَ بالجنّة وحورياتها.

لَعَنَ الله شَيْخَكَ الذي غَسَل َمخّك وأَسْقَطَكَ في فخِّ تفسيره الشخصي للجهاد، فَقَتْلُ أطفال المدارس جهاد، وإطلاقُ النار على روّاد المقهى جهاد، وتفجيرُ الباصات والقطارات بمَن فيها جهاد. لَعَنَهُ الله لأنه جاهِلٌ وأمّي ومعقّد جعل عمامته "ريموت كونترول" لتنفيس أحقاده من خلالك وجعَل من عباءته مختبراً لإنتاج مَغاور دينية جديدة ... ولَعَنَه الله لأنه دفعكَ وغيرك الى الإرهاب والجريمة والموت وعندما عرف ان ابنه او ابنته او شقيقه "نافرون الى الجهاد" أَبلغ السلطات عنهم وقبّل أيادي وأرجل "الطاغوت الأمني" كي يوقفوهم عند الحدود او يعيدوهم مِن ساحات "الجهاد" أحياء.

ولَعَنَ الله بيئتكَ وبيئتنا التي ربّتْكَ على قتْل "الآخَر" الذي استقبلَك وآواك وأَطْعَمَكَ وأنتَ الهارِبُ من إرهابِ أنظمةِ القمْع التي يَحْكُمها عربٌ ومسلمون. لَعَنَ الله هذه البيئة التي تَعجزُ أنظمتها عن هزيمةِ العدوّ فتهزم شعبَها ويَعجزُ شعبُها حتى عن الاعتراض على ذبْحه فيلجأ الى ذبْح الآخرين الطبيعيين. لَعَنَ الله بيئتَنا العاجزة عن صنْع برغي في هاتفٍ نقّال او سيارة او دولاب طائرة فتتباهى بمعاهد (ماكينات) تفقيس مشايخ التطرّف وتتغنى بصورِ مجرمين تم غسْل أدمغتهم وتفخيخهم مع الغربيين عن بُعد، وتصنّفهم شهداء تدرّس سيرتهم في مَغاور الدين وأقبية الاجتماعات "الجهادية"... يذهب هؤلاء ويبقى مشايخهم بلا حساب.     

 مرّة أخرى، كل ما قامتْ به النخب العربية والمُسْلِمَة تجاه ظواهر الإجرام هذه هو الاكتفاء بانتقادها وأحياناً مع جرعةِ تبريرٍ، ومن ثم اعتبار مواجهتها مسؤولية الغربيين فقط تماماً كما هو حالنا مع الاعتماد على كل ما يأتينا من الغرب من صناعاتٍ وتقنيات. والى ان تنتهي "استقالتُنا" من واجباتنا وما لم نسَم الأشياء بمسمياتها ، فما علينا إلا انتظار الجريمة الجديدة وانتقادها ... بل ربما يمكننا انتقادها اليوم من قبيل "الضربات الاستباقية".

arabstoday

GMT 14:49 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

قَطْشِة أبو خليل

GMT 05:02 2018 السبت ,11 آب / أغسطس

إذلال؟

GMT 06:03 2018 الخميس ,26 إبريل / نيسان

شيعة البراميل... والسفارة!

GMT 06:39 2018 الأربعاء ,28 آذار/ مارس

منصّة صواريخ ... لا دولة!

GMT 04:23 2018 الأحد ,18 آذار/ مارس

... مَن قال ليس حقيبة؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لَعَنَ الله شَيْخَك لَعَنَ الله شَيْخَك



النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

أبوظبي - العرب اليوم

GMT 17:41 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

نتنياهو يأمر الجيش الإسرائيلي بشن هجمات على غزة فوراً
 العرب اليوم - نتنياهو يأمر الجيش الإسرائيلي بشن هجمات على غزة فوراً

GMT 11:42 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت
 العرب اليوم - تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 16:04 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

كتائب القسام تعلن تسليم رفات رهينة إسرائيلي مساء الثلاثاء
 العرب اليوم - كتائب القسام تعلن تسليم رفات رهينة إسرائيلي مساء الثلاثاء

GMT 06:50 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إغلاق مؤقت لمطار أليكانتي في إسبانيا بعد رصد طائرة مسيرة

GMT 05:31 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مطار كراسنودار يطلق رحلات مباشرة إلى مصر

GMT 02:15 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ميسي يراوغ مجددًا بشأن مشاركته مع الأرجنتين في كأس العالم 2026

GMT 07:12 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

علاء مبارك يتحدث عن "أدق وصف" للوضع في غزة

GMT 10:31 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

GMT 06:04 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

القضاء الفرنسي يلاحق المتنمرين ضد زوجة ماكرون

GMT 11:42 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 06:02 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل شقيقين في غارة إسرائيلية جنوبي لبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab