هل مِن فجوة بين حماس وبيئتها

هل مِن فجوة بين حماس وبيئتها؟

هل مِن فجوة بين حماس وبيئتها؟

 العرب اليوم -

هل مِن فجوة بين حماس وبيئتها

عريب الرنتاوي

“تورطت” حماس وكتائب الأقصى بإرسال برقيات تعزية و”تبريك” لقيادة حزب الله بضحايا العدوان الإسرائيلي على بلدة جرمانا قرب دمشق، وعلى رأسهم الأسير المحرر الشهيد سمير قنطار ... ونقول “تورطت” لأن ردّات الفعل المُدينة والمُنددة بهذه “الفعلة المستهجنة والنكراء”، صدرت بالجملة والمفرق عن قواعد حماس وبعض كتابها ومثقفيها، في غزة وخارجها، وبما يعكس اتساع “الفجوة” بين قيادة الحركة وبيئتها الحاضنة.
عشرات التغريدات التي “تدين الإدانة”، والمقصود إدانة حماس للعدوان الإسرائيلي، وتعبر عن الاستهجان والاستغراب والاستنكار، وتحذر من مغبة فقدان الحركة لاحترامها، و”الكتائب” لـ “حب الناس” لها... أما الأوصاف التي أسبغت على القنطار وحزب الله وإيران والشيعة، فحدّث ولا حرج ... لكأننا أمام موجة عاتية تصدر عن بيئة سلفية – جهادية – وهّابية، وليس عن بيئة ظلت صديقة وحليفة حتى الأمس القريب لهذا المحور، ولا تزال تتلقى بعض الدعم المالي والعسكري منه، كما في حالة “الكتائب”، وبإقرار حماس واعترافها المتكرر.
تغريدت وتعليقات على الفيسبوك، تراوح ما بين الحديث “الشبيح” و”قاتل النساء والأطفال” و”الرافضي” و”المتشيّع” ... أدعية وابتهالات لله بأن يأخذه وأمثاله أخذ عزيز مقتدر ... وأخرى تلح على “ضرب الظالمين بالظالمين”، في تعبير عن رغبة دفينة بتكرار “عدوان الظالمين” على “ظَلَمة حزب الله وحلفائه” ... وبما يشي بالارتياح للعملية الإسرائيلية، و”الشماتة” بضحاياها، واشتهاء المزيد منها.
المشاركون في حملة الاستنكار والاستجان و”إدانة الإدانة”، متنوعون للغاية، صغار في السن وكبار، “مثقفون معروفون” وأميون عجّت تعليقاتهم بالأخطاء الإملائية ... مقربون جداً من حماس وأعضاء فيها إلى الأصدقاء والتابعين وتابعي التابعين ... أما “لغة المشاركات” فقد تميزت بالجرأة غير المعتادة على نقد حماس وإدانة سلوك لها ... يبدو أن المعلقين أحسوا بان الحركة تجاوزت ببرقياتها تلك، ثوابت الدين الحنيف، فتحركوا من على قاعدة أن “لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق” ... وإذا تزامنت الحملة مع “لحظة بوح” صدرت عن الشيخ يوسف القرضاوي، عبّر فيها عن “ندمه” للجهود التي بذلها والأيام التي صرفها للتقريب بين المذاهب والحث على المصالحة السنيّة الشيعية، فإن المشهد الدرامي يستكمل فصوله.
الأكثر تعقلاً من بين جميع المشاركين في حفلة الردح الواسعة على صفحات الشبكة العنكبوتية، كانت لهم مقاربة أخرى ... سعوا من خلالها إلى “إيجاد العذر لحماس والكتائب” ... تحدثوا عن “مرونة” و”مناورة” و”مراوغة” و”تكتيك” وعن “ضرورات تبيح المحظورات” وانتهوا إلى تفسيرات بأن قيادتي والكتائب حماس لا تعنيان ما قالتاه في برقيتاهما بالضبط، وأن في الأمر “تورية” و”تقية” وتمويه”، داعين إلى ترك هذه الموجة العاتية تمر بأقل قدر من الضجيج والخسائر ... لكأن “جماعة العقلاء أو الحكماء” هذه، تبيح وتفتي بجواز أن تظهر الحركة بخلاف ما تبطن، والمؤكد أنهم يراهنون على ما تبطنه الحركة وليس على ما تجاهر به.
الغريب في الأمر، أن هذا الجمهور يَظهَر من خلال تعليقاته كما لو كان منفصماً أو مصاباً بداء “الازدواجية القاتل”، بعضهم ممن امتهن الكتابة والبحث، سبق له وأن كتب مرات عديدة عن الحاجة لإبقاء البوصلة صوب فلسطين، مشدداً على ضرورة تفادي الانزلاق في حروب المحاور والخنادق المذهبية والإقليمية المتقابلة، بل ومؤكداً بما لا يدع مجالاً للشك، أن للشعب الفلسطيني وحركة حماس عدو واحد فقط: إسرائيل ... هذا الجمهور يعود اليوم لحكاية “ضرب الظالمين بالظالمين”، ويأخذ على حماس مجرد إرسال برقية تعزية بروتوكولية، ويتناولاً رمزاً من رموز أحد المحاور، قضىى ثلاثة عقود في سجون إسرائيل، بأقذع الصفات، مستكثرين عليه لقب “الشهيد”، وبعضهم آثر استخدام تعبير شديد الفجاجة والوقاحة: “فطيسة وماتت” إلى غير ما يشف عن كراهية بإيران وحزب الله وعداء عميق للشيعة.
نفهم أن يكون لجمهور حماس وبيئتها، وآخرون من دونهم، ملاحظات وانتقادات ومواقف رافضة ومنددة بالنظام السوري وحلفائه ... ونفهم أن تشتد القطيعة بين بيئة الحركة وبيئة حزب الله على سبيل المثال، لكننا لا نفهم أن يصل الأمر حد الدعاء والابتهال إلى الله، بأن يسخر إسرائيل لقتل كوادر حزب الله ومقاتليه والفتك بهم ... ألا تفتح مثل هذه الأقوال والابتهالات، الباب للاستقواء حتى بإسرائيل ضد “الآخر” في المذهب والموقف والإيديولوجيا، تماماً مثلما تدفع “المصالح” بحزب شقيق في تركيا أردوغان للاستقواء بـ” الناتو” ضد خصومه الجنوبيين ... ما الذي يبقى من معاني “المقاومة”، إن كانت غارات إسرائيل ضد أهداف لحزب الله، تستثير كل هذا التكبير والتهليل، وتستدر كل هذه الأدعية والابتهالات.
ثمة سيل من الأسئلة والتساؤلات المثيرة لقلق الباحث والمراقب في مشهد الأيام الثلاثة الأخيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر: ما الذي يدفع بيئة حماس وحاضنتها إلى هذا الدرك من الإسفاف؟ ... ومن المسؤول عن اتساع الفجوة بين الحركة وبيئتها حول هذه العناوين؟ ... وأيهما نصدق التصريحات والبرقيات العلنية للحركة، أم “تعبئتها الداخلية” التي تظهّرت وتكشفت في الأيام الأخيرة؟ ... هل تشعل هذه التعليقات الضؤ الأحمر في غرف القيادة والسيطرة في حماس و”الكتائب” أم أنها مجرد “زوبعة” في فنجان؟ ... هل “تسلّفت” الجماعة الإخوانية في غزة، كما تقترح بعض الدراسات والإبحاث أم أن المسألة مجرد ردة فعل عاطفية عابرة؟ .... وهل سنصدق بعد كل ما رأينا وقرأنا، أن ليس “للسلفية الجهادية” حواضن في قطاع غزة؟

arabstoday

GMT 06:04 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

فى تكريم الزعيم

GMT 06:01 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

زواج الملياردير الأمريكى فى مصر!

GMT 06:00 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

حتى لا تستمر مصر مهيضة الجناح فى 2025!

GMT 05:58 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

الإشكالية الفلسطينية الكبرى

GMT 05:56 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

تل أبيب تغسل يديها

GMT 05:55 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

الاعتدال الذى تكرهه إسرائيل

GMT 05:27 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

مروحية الرئيس

GMT 00:30 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

«الهبوط الصعب»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل مِن فجوة بين حماس وبيئتها هل مِن فجوة بين حماس وبيئتها



GMT 10:49 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك
 العرب اليوم - افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك

GMT 10:36 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها
 العرب اليوم - أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها

GMT 04:42 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

قمة البحرين

GMT 00:24 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

نسيج العنف... ما بعد حرب غزة؟

GMT 10:42 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

إطلالات تراثية ملهمة للملكة رانيا

GMT 10:49 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك

GMT 10:36 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها

GMT 08:58 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

مفاجآت كبيرة في فيلم "الست" لمنى زكي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab