هل «الأفغنة» سيناريو واقعي لسوريا

هل «الأفغنة» سيناريو واقعي لسوريا؟

هل «الأفغنة» سيناريو واقعي لسوريا؟

 العرب اليوم -

هل «الأفغنة» سيناريو واقعي لسوريا

عريب الرنتاوي

ما أن انتشرت أنباء الحشد العسكري الروسي في سوريا، حتى تطايرت التحليلات المحذرة من ولوج سوريا طريق “الأفغنة”.... خصوم روسيا بالذات، سارعوا للتبشير بسقوط الكرملين في مستنقع سوريا الذي لا شفاء منه، مذكرين بسقوط الاتحاد السوفياتي السابق وتفككه، في أوحال أفغانستان وكهوفها.
هل “الأفغنة” سيناريو واقعي لسوريا؟
ظاهرياً، تبدو المقارنة مغرية للباحثين والمحللين، فثمة قاسم مشترك بين التجربتين: “المجاهدون” في أفغانستان، ووريثتهم الشرعية غير الوحيدة، “داعش” في سوريا ... مع ترجيح لكفة هذا الاحتمال، في ضوء نجاح “داعش” في حشد القوى وفرض السيطرة على الأرض، بما لم يتح للقاعدة والقوى المشكلة لها تحقيقه من قبل.
لكن هذه القراءة الظاهرية، تخفي قصوراً في الولوج إلى عمق المسألة ... بين التجربتين مسافة من الزمن تمتد لأزيد من ربع قرن، وضعت خلالها الحرب الباردة أوزارها، وتغيرت قواعد اللعبة والعلاقات الدولية تغيراً جذرياً ... في أفغانستان استبطنت المواجهات الروسية – الجهادية، حرباً بالوكالة بين موسكو وواشنطن، وخلف كل من العاصمتين، وقف محور دولي وإقليمي وازن، وحلف عسكري ضارب: الناتو ووارسو ... أما في سوريا، فقد تتوفر لأول مرة منذ الحرب على النازية، الفرصة لمشاهدة قوات أمريكية – روسية، تقاتل من الخندق ذاته، عدواً مشتركاً ... النازية وحدت الجيش الأحمر بقوات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، و”داعش” توفر فرصة لورثة الجيش الأحمر للقتال إلى جانب قوات التحالف بزعامة الأطلسي في الحرب الكونية على الإرهاب ... المشهد مغاير تماماً.
في أفغانستان، وقفت غالبية دول الإقليم والعالم إلى جانب “المجاهدين” ضد “الخطر الشيوعي”، تجندت أجهزة مخابرات دول عربية وإسلامية كبرى، وعواصم دولية وازنة، لتجنيد “المجاهدين” ونقلهم وتدريبهم وتسليحهم وتمويلهم ... اليوم، تقف غالبية دول الإقليم، في صف واحد ضد “الخطر الجهادي”، بوصفها تهديداً لأمن الإقليم والعالم ... فيما الدعوات لا تتوقف عن تقطيع أوصال “داعش” وتجفيف منابعها ومواردها، وتنخرط باستمرار دول وجماعات في الحرب على الإرهاب... وكثير من الأطراف العربية والإسلامية التي ناصبت “السوفييت” العداء في تلك الأزمنة، تبدو اليوم، على صلة وثيقة بالروس، من القاهرة إلى الرياض مروراً بعمان وأبو ظبي وغيرها.
استقطابات الحرب الباردة وتحالفاتها، لم تكن تسمح بتوصل الفرقاء إلى حلول سياسية وسطية أو توافقية ... كانت الحرب في أفغانستان بمثابة معركة “كسر عظم” بين معسكرين ... في سوريا، لا تكف الأطراف الدولية الكبرى وكثير من العواصم الإقليمية الفاعلة، عن التبشير بضرورة السير على مسارين متلازمين: الحرب على “داعش” والبحث عن حل سياسي للأزمة السورية ... وثمة إرهاصات شديدة الدلالة، على عمق التحوّل في مواقف وأولويات الاتحاد الأوروبي تحت ضغط طوفان الهجرة واللجوء من جهة وتفاقم خطر الإرهاب من جهة ثانية، فضلاً عن السياسة الأمريكية الآخذة بالتبدل بتسارع ملحوظ، ودائماً بالاقتراب من الرؤية والمقاربة الروسيتين، وليس بالابتعاد عنها أو الصراع معها.
ثمة بعد آخر لا يجب إغفاله بحال، ونحن ننظر في احتمالات انزلاق سوريا في “سيناريو الأفغنة”، وبالتالي تورط روسيا في دهاليزها وأوكارها، وأعني به، “العامل الإيراني”، ذلك أن عدداً من العواصم العربية والإقليمية، تنظر بارتياح، أو على الأقل، بقدر قليل من القلق، إلى “التورط الروسي” في سوريا، بوصفه أداة لإضعاف الدور الإيراني فيها ... الرياض على سبيل المثال، تفضل استئثاراً روسياً بسوريا، يكون بديلاً عن ارتهان دمشق للسياسات والمصالح والحسابات الإيرانية، حتى بوجود خلاف سعودي – روسي حول مستقبل الأسد، أو دور الأسد في مستقبل سوريا ... إسرائيل بدورها، تفضل من وجهة نظر نظرية الأمن القومي، توسيع النفوذ الروسي على حساب النفوذ الإيراني في سوريا، فهي هنا على الأقل، ستكون مطمئنة إلى أن موسكو لن تندفع في تسليح وتدريب حزب الله وحماس أو أية فصائل وأحزاب مندرجة في إطار ما بات يعرف بـ “معسكر المقاومة والممانعة”.
معنى ذلك، أنه في ظل تراجع فرص الحسم العسكري للأزمة السورية، ومع تنامي خطر “داعش” وتهديد الإرهاب المستوطن والمنبعث من سوريا، وفي ضوء طوفان الهجرة واللجوء، فإن كثيرا من عواصم الإقليم (الرياض، تل أبيب، أبو ظبي، عمان) وغيرها، لن تجد مشكلة في القبول أو التكيف مع “التورط الروسي” في الأزمة السورية، طالما أنه سيضعف تلقائياً، نفوذ إيران وتأثيرها في تقرير مستقبل سوريا.
ولهذه الأسباب مجتمعة بالذات، سيكون من الصعب ترجيح “السيناريو الأفغاني” لمستقبل سوريا، أو لمستقبل الدور الروسي فيها ... وأغلب ما يكتب ويقال في هذا الصدد، يصدر إما عن تعجّل واستخفاف أو ربما عن “تفكير رغائبي” لأصحابه، ممن ما زالوا يراهنون على خيارات الحسم العسكري والتدخل الدولي لإسقاط النظام وتنحية الأسد.

arabstoday

GMT 01:09 2024 الأربعاء ,22 أيار / مايو

إيران... الرئاسة مرآة القيادة

GMT 01:07 2024 الأربعاء ,22 أيار / مايو

على أي رف...؟

GMT 01:04 2024 الأربعاء ,22 أيار / مايو

مجرمون... ولكن!

GMT 01:02 2024 الأربعاء ,22 أيار / مايو

ألغاز أخرى في حرب غزة الخامسة

GMT 00:59 2024 الأربعاء ,22 أيار / مايو

الجنائية الدولية... مساواة متجنية؟

GMT 00:57 2024 الأربعاء ,22 أيار / مايو

في مديح اتفاق «17 مايو»

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,22 أيار / مايو

البحث عن خطاب الشيخ العيسى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل «الأفغنة» سيناريو واقعي لسوريا هل «الأفغنة» سيناريو واقعي لسوريا



 العرب اليوم - ظافر العابدين يعود الى دراما رمضان بعد طول غياب

GMT 04:42 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

قمة البحرين

GMT 00:24 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

نسيج العنف... ما بعد حرب غزة؟

GMT 10:42 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

إطلالات تراثية ملهمة للملكة رانيا

GMT 10:49 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك

GMT 10:36 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها

GMT 08:58 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

مفاجآت كبيرة في فيلم "الست" لمنى زكي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab