أسئلة «المنظمة» وتساؤلاتها 22

أسئلة «المنظمة» وتساؤلاتها (2-2)

أسئلة «المنظمة» وتساؤلاتها (2-2)

 العرب اليوم -

أسئلة «المنظمة» وتساؤلاتها 22

عريب الرنتاوي

لم تقبل حماس بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاُ شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني، وقد قضت أزيد من عقدين على تأسيسها، تجادل في المسألة، تارة بدعوى “اختلاف البرامج والمنهاج”، وأخرى لغيابها عن أطرها التمثيلية ومؤسساتها القيادية، وتعين عن الحركة أن تنتظر لسنوات طوال قبل أن تبدّل من مقاربتها، وتعلن الاستعداد للانخراط في منظمة التحرير، الأمر الذي تضمنته جملة وثائق الحوار والمصالحة منذ 2005 وحتى اليوم، والتي انخرطت حماس في إنتاجها ومهرتها بتوقيعها.
وطوال مرحلة “القطع” مع المنظمة، لم تألُ الحركة جهداً لتشكيل أطرٍ بديلة عنها أو موازية لها، لكن جميع هذه المحاولات، باءت بالفشل، وظلت المنظمة عصية على “الاختراق” و”التجاوز” إلى أن دخلنا في مرحلة “التساكن” بين المنظمة والحركة، حيث شهدنا إرهاصات متزايدة تدل على اهتمام حماس بأمر المنظمة ومستقبلها وتشف عن سعي دؤوب للانخراط في مؤسساتها، وبصورة تعكس حجمها الفعلي في أوساط الشعب الفلسطيني.
إلى أن جاء فوز الحركة “الكاسح” في الانتخابات التشريعية في العام 2006، حينها أيقنت حماس، أن بمقدورها أن تفاوض على “حصة الأسد” في مؤسسات المنظمة، طالما أن صناديق الاقتراع في الضفة والقطاع، قد أعطتها أغلبية مريحة للغاية، ساعدها على هذا التوجه، أن الحركة تلمست حجم نفوذها في الأوساط والجاليات الفلسطينية في مناطق اللجوء والانتشار، وهو نفوذ عززه الصعود المتنامي لتيارات الإسلام السياسي في السنوات العشرين الفائتة، سواء الفلسطينية منها أم العربية، فبدا أن حماس تلعب دوراً مهيمناً في أوساط معظم الجاليات الفلسطينية.
محاولات حماس الدخول إلى قلب “الممثل الوطني” ولعب دور قيادي مؤثر في أوساطه، قوبلت على الدوام، بعمليات مراوغة وصدّ من قبل قيادة فتح والسلطة والمنظمة، حيث سادت المخاوف في هذه الأوساط، من مغبة أن تمسك الحركة بتلابيب السلطة والمنظمة على حد سواء، فأصحبت المنظمة حصناً أخيراً لها، في حال سقطت ثمرة السلطة في أيدي حماس، وهي مخاوف لم تكن في محلها على أية حال، فالانقسام فرّغ نصر حماس الانتخابي من محتواه، وعزلها في قطاع غزة، من دون أن تقوى على “ترجمة” انتصارها الانتخابي، إلى ممارسة حقيقية للسلطة في شطري الوطن المحتل والمحاصر، أو كجسر للوصول إلى قيادة المنظمة.
وعلى امتداد جولات الحوار ومحاولات استرداد المصالحة، بدا أن حكاية اختلاف المناهج والبرامج، لم تعد قيداً على حماس يمنعها من الدخول إلى المنظمة، خصوصاً بعد أن جنحت الحركة للقبول بـ “حل الدولتين” واقعياً، وانخراطها في مخرجات أوسلو ومؤسساتها وأطره التشريعية والمؤسسية، وظلت الخلافات الفعلية بين طرفي الانقسام، تتركز بالأساس حول الحصص والآليات والأولويات، ولم تبد الحركة اهتماماً حقيقياً بتفعيل المنظمة ودمقرطتها وإعادة هيكلتها.
وهي وإن كانت تحظى بنفوذ لا شكوك حوله في معظم مناطق اللجوء والشتات الفلسطيني، إلا أن حماس جنحت لفكرة “المحاصصة” مع حركة فتح، ولم تُبد إصراراً ملحوظاً على دمقرطة وانتخاب هيئاتها وتفعيل أدوارها، ورأينا كيف أنها بدأت بدلاً عن ذلك، في حشد أسماء لـ “أنصاف وأرباع الفصائل” و”المستقلين” من المحسوبين عليها، للزج بهم في أطر المنظمة وهياكلها، بدعوى تمثيل الجميع، وتصليب الوحدة الوطنية.
مشكلة حماس في علاقتها مع المنظمة، أنها تريد أن تجمع “الحسنيين”، وضع مهيمن في غزة، وتمثيل مناسب في منظمة التحرير، وهو ما بدا عصياً على القبول من قبل حركة فتح، التي لن تتردد في رفض التسليم بحصة لحماس في المنظمة، قبل أن تسترجع سيطرتها ونفوذها على مقاليد السلطة في القطاع.
لتكون الخلاصة، أن فريقي الانقسام الفلسطيني، لم يبديا اهتماماً جدياً بتفعيل منظمة التحرير وتجذير علاقاتها مع الجاليات والمخيمات والانتشار الفلسطيني، بوصفها كياناً فلسطينياً جامعاً، ووطن الفلسطينيين إلى أن يتحرر وطنهم، بقدر ما كانا يتصارعان للهيمنة على “خاتم المنظمة ومكانتها” لإدامة الشرعية أو لاكتسابها، لا فرق ... فلا فتح عملت على إحياء المنظمة بحماس أو من دونها... ولا حماس، جعلت من قضية “دمقرطة” المنظمة، هاجساً يتصدر جدول أعمالها.
ولقد التقى هذا التوجه المستخف بمنظمة التحرير والمتجاهل لأدوارها التاريخية، التمثيلية والتأطيرية، من قبل الفصيلين الأساسيين، مع منحى إقليمي – دولي يدفع بهذا الاتجاه، ذلك أن معظم الفاعلين في الإقليم وعلى الساحة الدولية، لم ينظر للمنظمة بكثير من الارتياح، لأنها رمز وحدة الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، وعنوان الكفاح من أجل التحرير والاستقلال، ورمزاً لقضية اللاجئين وحقهم في العودة والتعويض ... لقد جرى على نحو منهجي منظم، منذ أوسلو، تجريد المنظمة من دورها، وتحويل رصيدها التاريخي المتراكم لصالح السلطة، ومع مرور السنوات، صارت السلطة وليست المنظمة، هي عنوان الشعب الفلسطيني الواقعي، بصرف النظر عن كثيرٍ من التبريرات الشكلية.
خلاصة القول، أن شعوراً بالتشاؤم لا شك سيسطر على تقدير المراقب عن كثب للمشهد الفلسطيني، حيال فرص إعادة بعث وإحياء المنظمة، لا في المجلس القادم، ولا في المجلس الذي يليه، فالأطراف التي بيدها مفاتيح “الحل والعقد”، ليست مسكونة بهذا الهاجس، ولا تعتبر، لأسباب مختلفة، أن هذه المهمة يجب أن تتصدر جدول أعمالها.

arabstoday

GMT 01:04 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

أصغر من أميركا

GMT 01:01 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

ملحمة وطنية للأبطال الذين أُزهقت أرواحهم!

GMT 00:58 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

العلم في مكان آخر

GMT 00:10 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

شخص واحد متعدد المواصفات

GMT 00:07 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

هل هو تنازعٌ على قيم التنوير؟

GMT 00:02 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

اختبارات ومحن مراسل أجنبي

GMT 00:01 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

«الصحاف» الأخير!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أسئلة «المنظمة» وتساؤلاتها 22 أسئلة «المنظمة» وتساؤلاتها 22



نادين لبكي بإطلالات أنيقة وراقية باللون الأسود

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 00:15 2024 الخميس ,02 أيار / مايو

الخاسر الأكبر جامعات أميركا

GMT 03:41 2024 الخميس ,02 أيار / مايو

تسرب نفطي خطير في ميناء عدن

GMT 06:09 2024 الخميس ,02 أيار / مايو

زلزال بقوة 4.5 ريختر يضرب أفغانستان

GMT 18:14 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

مقتل 5 أشخاص بضربات روسية على مناطق أوكرانية

GMT 18:37 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

زلزال بقوة 4 درجات يضرب ميانمار

GMT 16:11 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

زلزال بقوة 5ر4 درجة يضرب أفغانستان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab