«تحييد» معبر رفح

«تحييد» معبر رفح

«تحييد» معبر رفح

 العرب اليوم -

«تحييد» معبر رفح

عريب الرنتاوي

نعلم أن البحث عن حل لمشكلة “معبر رفح” يبدو متعذراً من دون إدراجه في بحث أعمق وأشمل، عن حلول لمختلف قضايا الانقسام الفلسطيني الداخلي، والخلاف المصري المزمن مع حماس ... بيد أن وطأة الكارثة الإنسانية التي يعيشها أهل غزة، تجعل الحديث عن “تحييد” المعبر عن التجاذبات الفلسطينية الداخلية، والخلاف المصري الحمساوي، أمراً ملحاً ومسؤولية وطنية، وأولوية عليا، تتقدم على الحسابات الفصائلية الضيقة، والمؤكد أنها تتخطى مصالح “تجار الحروب” و”السماسرة” و”قوى الأمر الواقع” والمنتفعين والمتنفذين.
خلال الأيام القليلة الفائتة، وبمناسبة الحديث عن توافق مصري – فلسطيني على المعبر، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بمئات القصص والحكايا عن “المعبر”، وما يجري على تخومه وفي أروقته من فساد وتمييز واتجار بمعاناة الناس وعذابات إنسانية لها أول وليس لها آخر ... والمؤسف حقاً، أن اتهامات الفساد تكاد تطال الجميع من دون استثناء، من قادة حماس وأجهزتها الأمنية المتحكمة بالقطاع، إلى قادة الأجهزة الأمنية والمسؤولين المصريين على الضفة الأخرى من المعبر، وصولاً إلى السلطة في رام الله، التي تضطلع بـ “دور ما” في التنسيق وتقديم لوائح المسافرين، واستحصال “التنسيق” مع السلطات المصرية.
وفي أكثر من رواية جرى تداولها على ألسنة النشطاء، فإن قيمة الرشى على الجانب المصري وحده، تبلغ أحياناً ما بين 6 -7 آلاف دولار ... وأنها تصل إلى ألفي دولار تدفع عداً ونقداً لمسؤولي حماس الأمنيين، فقط من أجل امتطاء الحافلة الأولى، وأن مبالغ أخرى تدفع لمسؤولي السلطة في رام الله من أجل الاعتناء بحكاية “التنسيق” ... كما يتعين على الطالب أو المريض أو المغترب الغزاوي، ان يدفع لكي يجتاز هذه الأمتار القليلة بين القطاع المحاصر والعالم الخارجي؟ ... وكيف بمقدور رجل الشارع الفلسطيني البسيط والفقير، أن يُرضي هذا “الثالوث السلطوي” المتحكم برقاب البلاد والعباد؟
الفلسطينيون في قطاع ما عادوا يكترثون بمن سيدير “المعبر” الوحيد المفتوح على الفضاء الخارجي، السلطة وما تبقى من حكومة الوفاق، حماس وأجهزتها الأمنية، الأونروا أو أية منظمة دولية، جهات عربية أو دولية، شركات أمنية بما فيها “بلاكووتر” سيئة السمعة والصيت، المهم أن يُفتح المعبر، وأن يتمكن الناس من ممارسة حقهم في السفر والعلاج والتعليم والعمل والتواصل مع الأهل والأقارب والأصدقاء ... لم تعد “الرطانة الخائبة” حول عدم جواز تسليم المعبر لـ “الأيدي الخائنة” على حد وصف صلاح البردويل، يلقى قبولاً من أحد، سيما عند أولئك المرغمين على دفع الرشى لـ الأيدي الخائنة” و”الأيدي المتوضئة” على حد سواء ... لا يهم الفلسطيني الخاضع لشتى أشكال الابتزاز والاتجار في معاناته الإنسانية، من يتلقى “الخاوات” المفروضة عليه، وما إذا كانت الأيدي التي تمتد لجيوبه، متوضأة أم نجسة، في كلتا الحالتين، هو الضحية، وأيدي “الجُباة” و”المبتزين” سواء.
آن الأوان، لوقفة مع النفس والضمير والمصلحة العليا، إن لم يكن لدوافع وطنية وتقدمية ودينية ومقاومة، فلاعتبارات إنسانية تتعلق برفع المعاناة عن هذا الشعب المنكوب بقياداته وانقسامات فصائله، لكأنه لا تكفيه نكباته المتلاحقة على أيدي أعدائه وخصومه التاريخيين.
آن الأوان لـ” تحييد” معبر رفح، وإخراجه من التجاذبات السياسية والحزبية والفصائلية، والكف عن النظر بوصفه كمصدر للجباية، أو كينبوع للإثراء غير المشروع ... فهذا شريان حياة، بل وشريان حياة وحيد، لما يقرب من مليوني فلسطيني، دفعوا أكثر من غيرهم من أشقائهم، ضريبة الدم والصمود في وجه آلة العدوان والاستيطان والعنصرية، فهل هذا هو جزاؤهم عند أبناء جلدتهم، وهل هكذا تكافئ الفصائل والمقاومات أبناءها وبناتها الصادمين والصابرات؟
مطلوب اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، وقف “اختطاف” أهل القطاع لتحقيق أغراض سياسية، سواء في الصراع الفلسطيني الداخلي، أو في العلاقة مع جمهورية مصر العربية ... مطلوب اليوم، أكثر من أي وقت مضى، التوقف عن استخدام معاناة الفلسطينيين والامهم الإنسانية لتحقيق مكاسب إضافية، أو لصيانة “مزايا مكتسبة”، أو لاستعادة مكاسب وأدوار مفقودة أو ضائعة... فإذا كانت مصر تشترط عودة الحرس الرئاسي لإدارة المعبر، فليعد إليه من دون إبطاء، اليوم وليس غداً، وإن كان هناك “ترتيب” إقليمي أو دولي للمعبر، فلنشرع في اتخاذ الترتيبات لإنفاه... أما إذا كان كبار المسؤولين مطمئنين لسلاسة حركة المحاسيب والأقارب والندامى عبر المعبر وفي الاتجاهين، وبوسائل وأساليب فاسدة في جوهرها، فعليهم أن ينظروا بعين الرعاية لعموم أبناء شعبهم، الذي يقضون شهوراً طويلة، قبل أن تلوح في أفقهم بارقة سفر.

arabstoday

GMT 19:28 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

مرةً أخرى حول موسوعة تأهيل المتطرفين

GMT 18:47 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

السباق!

GMT 18:44 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

رحيل رئيس إيران فى حادث طائرة

GMT 18:43 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

الفلسطينيون بين التطبيع والتهجير

GMT 18:40 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

خطأ... الافتراضات الثلاثة!!

GMT 18:38 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

الجاهل السعيد

GMT 18:35 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

أين ذهبت الأموال الضخمة؟

GMT 18:34 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

عواطف رجل إسبانى ورجل ألمانى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«تحييد» معبر رفح «تحييد» معبر رفح



GMT 10:49 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك
 العرب اليوم - افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك

GMT 10:36 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها
 العرب اليوم - أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها

GMT 04:42 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

قمة البحرين

GMT 00:24 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

نسيج العنف... ما بعد حرب غزة؟

GMT 10:42 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

إطلالات تراثية ملهمة للملكة رانيا

GMT 10:49 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك

GMT 10:36 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها

GMT 08:58 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

مفاجآت كبيرة في فيلم "الست" لمنى زكي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab