الاقتصاد يوحد اليمنيين بعد أن فرقتهم السياسة

الاقتصاد يوحد اليمنيين بعد أن فرقتهم السياسة

الاقتصاد يوحد اليمنيين بعد أن فرقتهم السياسة

 العرب اليوم -

الاقتصاد يوحد اليمنيين بعد أن فرقتهم السياسة

بقلم - عريب الرنتاوي

حبل الانقسامات اليمنية المتناسلة لا ينقطع ... إلى جانب قطبي الصراع الرئيسين: الحوثي و»الشرعية»، ثمة أقطاب مختلفة الأوزان تنشأ وحراكات تتشكل وتحالفات تتبدل وتغيير ... وداخل كل قطب من القطبين الرئيسين، ثمة «طبقات» من الاختلاف والمختلفين ... لكل محافظة حراكاتها وأولوياتها ورموزها ... وتتجه حركة المحافظات وحراكاتها لأن تصبح مستقلة ومتجذرة، وبصورة تتهدد بمزيد من التقسيم للنسيج الاجتماعي والوحدة الجغرافية للبلاد.
لكن على الرغم من هذه الصورة التي لا تدعو للتفاؤل، فقد توحد اليمنيون في الأسابيع والأيام القليلة الفائتة، تحت ضغط انهيار العملة الوطنية والارتفاع الجنوني للأسعار وانقطاع الرواتب عن العاملين في عدد من المناطق ... تعز وعدن تعيشان «ثورة داخل الشرعية»، وحضرموت والمكلا، تتململان تحت ضغط الضائقة، للمهرة – سوقطرى زعامتها قيد التشكل، وهمومها تتخطى «المطلبي» إلى السياسي، المتعلق بحالة الاشتباك السلمي مع التحالف... والشمال يكاد يخرج عن بكرة أبيه، غضباً واستنكاراً وتنديداً.
قلة من اليمنيين باتت تلوم الحوثي عن الأزمة الاقتصادية ... «البنك المركزي» انتقل من صنعاء إلى العاصمة «المؤقتة» وبعدها حصل الانهيار ... الحكومة تطبع ملايين الريالات من دون مسؤولية ... والمائتا مليون دولار التي قُدمت مؤخراً كوديعة لوقف انهيار العملة، بالكاد تعطي أثرها.
أمس، شهدت معظم المدن تحركات وتظاهرات شعبية غاضبة ... الوضع في الجنوب مقلق للغاية، والمجلس الانتقالي الذي يناصب «الشرعية» عداء أشد من عدائه للحوثي وأنصار الله، اكتسب «شرعية» خاصة به، بعد اجتماعه مع مارتن غريفيت وإصرار الأخير على إشراك المجلس في المشاورات المقبلة في جنيف ... المجلس يعلن النفير العام ويدعو جماهير الجنوب للسيطرة على مؤسسات الدولة، ويترك العنان لتشكيلاته المقاتلة لتولي الأمر ...وهذه التشكيلات بدورها لم تقم وزناً لطلب السلطات «الشرعية» الجيش والأجهزة الأمنية منع ذلك وأخذ زمام المبادرة.
الجميع ضد الجميع في معظم مناطق اليمن، والحوثي الذي طفا على السطح بوصفه «الشيطان الأكبر» لم يعد سوى طرف من بين أطراف عديدة مسؤولة عن كارثة اليمن، وربما ليس أكثرها تحملاً للمسؤولية ... هتافات الجموع الغاضية تتحول من الدعوة للحسم إلى الدعوة للسلم، وإنهاء هذه الحرب المدمرة، واليمنيون الذي سئموا التعامل مع مختلف صنوف المرتزقة وجنسياتهم – وآخرهم التشاديون - الذين جلبوا للقتال على عجل في اليمن، يريدون لهذا الفصل الدامي في تاريخهم أن ينتهي.... وأن ينتهي اليوم وليس غداً.
التحالف لم يعد مصدراً «للأمل» وسبيلاً لاستعادته ... المتظاهرون كما شهدناهم على مواقع التواصل الاجتماعي في ظل انعدام التغطية الإعلامية أو ضعفها، وجهوا النصيب الأكبر من هتافاتهم ضد حكومة بلادهم وداعميها في التحالف ... المشهد اليمني ينقلب ومعادلاته تتحرك وتتغير ... وتحالفاته تتبدل وتتغير... ومع اختلاف الأولويات بين دول التحالف، وتآكل مواردها، واصطدام مشروعها بصخرة الفشل، يبدو المشهد اليمني أكثر تعقيداً.
لقد طوي ملف «الحديدة»، ويبدو أن ملف استعادتها لم يعد مقدمة وشرطاً مسبقاً لاستئناف المشاورات وجلب الحوثيين إليها ... فشلت أول حملة واسعة لاستعادة المطار والميناء قبل مشاورات جنيف الأخيرة ... وفشلت ثاني أكبر حملة للسيطرة عليها من الجنوب والشرق، في تحقيق الغرض ذاتها ... المعارك تتجمد عند الكيلو 10 والكيلو 16 ... وبقية البلاغات عن انتصارات واختراقات استراتيجية، تبدو ضرباً من التضليل أو ترويجاً لأوهام بقصد حفظ ماء الوجه والمعنويات.
كل ذلك، لم يوقف الكارثة الإنسانية ولم يمنعها من التفاقم ... الكوليرا تجتاح البلاد، والأطفال يموتون جوعاً وعطشاً، يومياً وبالعشرات، وثمة جيل يمني بأكمله مهدد بالإعاقة المزمنة جسدياً وذهنياً ... فيما العالم يقف صامتاً متواطئاً، تارة تحت ضغط «ابتزاز» الدول الغنية وأخرى محكوماً بنظرة ضيقة لا ترى اليمن إلا من «ثقب إبرة» النفوذ الإقليمي لإيران، وتنسى أن ثمة ملايين من البشر، الذين لا يتعين المقامرة بحيواتهم ومستقبل أجيالهم، حتى يصبح بالإمكان إضعاف نفوذ إيران في هذا البلد ... أية مقاربة بائسة هي تلك.

 

arabstoday

GMT 15:19 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

لماذا كل هذه الوحشية؟

GMT 15:17 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

عن حماس وإسرائيل ... عن غزة و"الهدنة"

GMT 15:21 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

لجان الكونغرس تدين دونالد ترامب

GMT 08:31 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

موازين القوى والمأساة الفلسطينية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاقتصاد يوحد اليمنيين بعد أن فرقتهم السياسة الاقتصاد يوحد اليمنيين بعد أن فرقتهم السياسة



إليسا تتألق بفستان مرصع بالكريستالات وتخطف الأنظار بإطلالات فاخرة

جدة ـ العرب اليوم

GMT 17:04 2025 الجمعة ,01 آب / أغسطس

سامو زين يعود للإخراج بعد غياب 15 عاماً
 العرب اليوم - سامو زين يعود للإخراج بعد غياب 15 عاماً

GMT 00:02 2025 الجمعة ,01 آب / أغسطس

تغيير في المزاجين الأميركيّ والعربيّ

GMT 07:25 2025 الجمعة ,01 آب / أغسطس

الدولة الفلسطينية!

GMT 09:27 2025 الجمعة ,01 آب / أغسطس

السعودية والنهوض بسوريا وفلسطين

GMT 00:02 2025 الجمعة ,01 آب / أغسطس

عبدالناصر ومشروعه.. الصراع على المستقبل

GMT 10:40 2025 الجمعة ,01 آب / أغسطس

جيرونا يضع شرطين لضم روميو مدافع برشلونة

GMT 00:02 2025 الجمعة ,01 آب / أغسطس

أن تعمل مع بدر عبدالعاطي

GMT 00:02 2025 الجمعة ,01 آب / أغسطس

منتخب النخبة التاريخي في كرة القدم

GMT 00:02 2025 الجمعة ,01 آب / أغسطس

النفط وتسعير مشتقاته أحجية أردنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab