غليان على «مرجل الربيع العربي»

غليان على «مرجل الربيع العربي»

غليان على «مرجل الربيع العربي»

 العرب اليوم -

غليان على «مرجل الربيع العربي»

بقلم : عريب الرنتاوي

في توقيت متزامن، غصّت مدن العراق ولبنان بألوف الشبان والشابات المتظاهرين احتجاجاً على السياسات الاقتصادية والاجتماعية لحكومتي البلدين ... محاربة الفساد، ورفض المحاصصة الطائفية والمذهبية، كانت في صدارة الشعارات والمطالبات ... في العراق، كما في لبنان، حظي «نواب الشعب» بنصيب وافر من الإدانات ... في العراق حصراً، امتدت المطالبة إلى إلغاء النظام البرلماني واعتماد نظام رئاسي بدلاً عنه.

حراك البلدين، جاء عفوياً، من خارج الأحزاب جميعها، حتى لا نقول ضد الأحزاب جميعها ... حراك عابر للطوائف والمذاهب، برغم الاتهامات التي وجهتها الطبقة السياسية للحراكيين، إن بكونهم يتحركون بأجندات خارجية، أو لكونهم أداة بيد هذا الفريق أو ذاك ... اتهامات لا تفسير لها إلا بـ»حالة الانكار» التي تعيشها هذه الطبقة، و»عدم تصديقها» بأن الشعب بات يرفضها ويلفظها.
هي ليست المرة الأولى التي يشهد فيها نظاما المحاصصة الطائفية في العراق ولبنان حراكاً شعبياً – شبابياً – مدنياً مماثلاً، وقد لا تكون الأخيرة ... فبذور العجز والقصور والفساد كامنة في بنية هذا النظام وتكوينه، والأرجح أنه صار عبئاً على تطلعات وأحلام شعبي البلدين.

على أن الحراك الشعبي والشبابي، المدني والمطلبي، لم يكن حكراً على هذين البلدين ... الجزائر والسودان دشّنتا المرحلة الثانية من «انتفاضات الربيع العربي» ... في السودان حصل الانتقال في مرحلته الأولى على الأقل، أما الجزائر فثمة استعصاء يتأدى عن تعنت المؤسسة العسكرية ورفضها أي حديث عن «انتقال» وإصرارها على «الآليات الدستورية»، الأمر الذي يثير القلق حول مستقبل المشروع الإصلاحي للبلاد.
وعلى خط موازٍ، كانت مصر خلال الأسبوعين الفائتين، محط أنظار المراقبين ووسائل الإعلام ... صحيح أن الدعوات للتظاهر وملء الميادين لم تجد استجابة شعبية كافية، بيد أن ما شهدته مصر، من إجراءات أمنية مشددة، وحملات اعتقال طاولت مفكرين وكتابا وإعلاميين وقادة أحزاب، لم يحل دون وقوع تحركات شعبية متنقلة، ليلية ونهارية، لم تتوقف بعد، وإن كانت أخفقت في إعادة انتاج تجربة الخامس والعشرين من يناير 2011.

في المغرب والأردن، تأخذ التطورات منحاً مختلفاً ... إضراب للمعلمين هنا وهناك، مع أن إضراب الأردن غير مسبوق،... أما في المغرب، فإن حراك المعلمين، يأتي امتداداً لحراكات مطلبية وجهوية.
خلاصة القول، أن حال المنطقة برمتها اليوم، يبدو شبيها بما كان عليه حالها عشية إقدام البوعزيزي على إحراق نفسه في تونس، مدشناً ثورات الربيع العربي التي أطاحت بعدد وافر من الزعماء العرب ... يبدو أن المهمة لم تكتمل بعد، مع أن كافة الأسباب التي قادت لانفجار ثورات الربيع العربي وانتفاضاته، ما زالت كامنة تحت السطح، وتتفاعل بقوة وسرعة ... المهمة لم تكتمل، لكن يبدو أن الشعوب العربية التي غادرت «ثقافة الخوف» باتت أكثر إصراراً على مواصلة كفاحاتها من أجل الحرية والكرامة والعدالة والحياة الأفضل.

ثورات الربيع قطعت مرحلتين، الأولى ضربت تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن، والثانية، تضرب اليوم في الجزائر والسودان ... وإن استمر الحال على هذا المنوال، فقد نكون أمام موجة/مرحلة ثالثة من ثورات الربيع ... فما زال الإصلاح الساسي محتبساً، وما زال الفساد منتشراً، أما عن غياب العدالة وسيادة القانون وتكافؤ الفرص والنماء الاقتصادي، فحدّث ولا حرج.

المنطقة ما زالت تغلي على مرجل الربيع العربي، والمؤكد أن هذه المنطقة، لن تعرف الاستقرار من دون أن تصل سفن التغيير والإصلاح إلى مرافئها ... المنطقة ما زالت في أوج انتقالاتها نحو الحرية والديمقراطية والتنمية الشاملة والمستدامة ... لكنه انتقال مديد ومرير، وكلفه عالية وإن كانت تتفاوت بين بلد وآخر ... المهمة لم تنجز  بعد، لكن الشعوب العربية تتعلم من تجاربها الخاصة ومن تجارب غيرها ... تلكم هي الرسالة الأكثر مدعاة للاطمئنان من بين جميع الرسائل المقلقة المنطلقة من شوارع المدن العربية ... لقد تعلم العرب الدرس، بأصعب الطرق وأكثرها كلفة، مما حصل أمام نواظرهم في ليبيا واليمن وسوريا، والمأمول أن تكون كلف الانتقالات القادمة، أقل بكثير مما سبقها.

arabstoday

GMT 05:42 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

الصفحات الصفراء

GMT 20:10 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

خواطر حول الوطن والإنسان

GMT 12:25 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

كريم عبدالعزيز ومواصفات السوبرستار

GMT 19:23 2024 الأربعاء ,20 آذار/ مارس

رأسمالية مصر الجديدة

GMT 19:23 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

معركة «تيك توك» وأسئلة القيم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غليان على «مرجل الربيع العربي» غليان على «مرجل الربيع العربي»



الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

القاهرة - العرب اليوم

GMT 11:37 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 21

GMT 12:44 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 11:37 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 22

GMT 03:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 05:37 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 18:19 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

بيروت - جاكلين عقيقي

GMT 05:57 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 03:27 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 05:32 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الثور السبت 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 03:22 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 05:44 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج السرطان 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 03:17 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 05:51 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 06:01 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الميزان 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 22:39 2023 الثلاثاء ,02 أيار / مايو

مبابي يُفاجئ باريس سان جيرمان بخطوة جريئة

GMT 04:33 2023 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 18 أبريل / نيسان 2023
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab