النعمة والنقمة في الاستثناء اللبناني

النعمة والنقمة في الاستثناء اللبناني

النعمة والنقمة في الاستثناء اللبناني

 العرب اليوم -

النعمة والنقمة في الاستثناء اللبناني

بقلم : عريب الرنتاوي

لطالما سكنني الاعتقاد بأن لبنان «نسيج وحده»، وأنه الاستثناء للقاعدة العربية ... ليس فقط لأن الراحل الكبير محمود درويش نسج من حروف ثلاثة «حكاية» لبنان بأسرها: بحر وحرب وحبر وربح، بل لأن هذا البلد الذي جعل من ضعفه قوة ذات يوم غابر، أحال في العشرية الأخيرة من السنين، قوته الفائقة إلى ضعف وهشاشة.

لبنان هو البلد العربي الذي سطر معجزتين اثنتين في عامين متلاحقين، سرعان ما تبخرت نتائجهما وكأنها لم تكن ... الأولى؛عندما نجحت مقاومته في الخامس والعشرين من أيار عام 2000 في كنس الاحتلال الإسرائيلي عن أراضيه، من دون معاهدة، وبلا قيد أو شرط، ليكرس بعد سنوات ست «ميزان رعب» مع الجيش الذي لا يقهر، وليخلف «عقدة» ضاربة في عمق الوعي الجمعي والفردي للإسرائيليين اسمها جنوب لبنان وحزب الله.

والثانية؛ عندما خرج أكثر من ربع سكانه المقيمين، أكثر من مليون شاب وفتاة إلى الشوارع في انتفاضة 14 آذار 2005، أو ما أسمي لاحقاً بـ «ثورة الأرز» مطالبين بالحرية والكرامة والتحرر من الهيمنة السورية، وقبل أن تعرف الشوارع والميادين العربية بعد ست سنوات، ربيعها وثوراتها المليونية.

كلتا المعجزتين تبددت نتائجهما وثمارهما على مذبح الانقسام المذهبي والطائفي القاتل ... تحول «نصر المقاومة والتحرير» إلى اصطراع مذهبي قاتل، ونشأت في مقابل ثورة الأرز، اصطفافات أعادت أمراء الحرب والطوائف إلى سابق عهدهم ومكانتهم على رأس نظام المحاصصة المذهبية والطائفية، لكأن الأرض لم تتحرر من الاحتلال الإسرائيلي، والشعب لم ينعتق من الهيمنة السورية.

لم يقف الحال عند هذا الحد، ففي العامين الفائتين تكررت حكاية لبنان مع «المعجزات» وإن بأحجام أصغر ودرجات أقل من الإبهار والإعجاز ... نجح حزب الله في طرد جبهة النصرة من جرود عرسال والحدود الشرقية، ممهداً طريق الجيش اللبناني لاستكمال المهمة في جرود راس بعلبك والقاع، وبدل أن يكون هذا الإنجاز نصراً للبنان ونعمة له، تحول إلى سبب إضافي للاحتراب ونقمة تنذر بالويل والثبور وعظائم الأمور.

على خط آخر، كان شباب الرابع عشر من آذار يتجددون ويجددون حضورهم في الحراك المدني الذي بدأ بشعار «بدنا نحاسب» و»طلعت ريحتكم» وصولاً إلى تهديد زعامات الإقطاع السياسي في الانتخابات البلدية و»بيروت مدينتي» ... استنفر أمراء الحرب من جديد، والغريب أنهم توحدوا في مواجهة هذا التهديد، وتبددت مفاعيل الحراك المدني، مثلما تبدد نصر الجرود على مذبح الانقسامات المذهبية والطائفية، وتحولت النعمة إلى نقمة من جديد.

في ميادين المقاومة المسلحة ومقارعة الاحتلال، كان لبنان رائداً ... وفي ميادين المقاومة الشعبية والمدنية والحراك الشبابي السلمي، كان لبنان طليعياً، لكن لبنان «المعجزة» غير مسموح له على ما يبدو أن يستفيء بنعمه ومنجزاته، ونظامه السياسي أعجز من أن يترجم طاقات أبنائه وإبداعاتهم وجرأتهم وتضحياتهم، إلى نتائج مستدامة، وفي أي حقل من الحقول.

لا نريد أن نحمل لبنان وحده، وزر الفشل في ترجمة الريادة و»الطليعية»، فثمة إقليم من حوله ومن حولنا، يضيق ذرعاً بكل هذا وذاك وتلك، فللمحاور والمرجعيات رأي آخر ومصالح مغايرة .... لا مجال معها لا لترجمة النصر على إسرائيل ولا لتكرس الاستقلال عن سوريا ... لا مطرح في لبنان إلا لأمراء الطوائف، لأنهم رؤوس الجسور للنفوذ الإقليمي في لبنان وعليه ... ولأنهم، وهذا هو الأهم، فرسان حروب الوكالة وصراعات الأدوار والنفوذ، في لبنان، ومؤخراً في عموم الساحة المشرقية ... لبنان «الاستثناء» منكوب بـ»القاعدة» العربية والإقليمية، والقاعدة هنا تقول أنه يحظر على هذا البلد، أن يكون نموذجياً وطليعياً ومبادراً، فحريته محرجة للآخرين، وتحرره يذكرهم بقيودهم وأغلالهم وعجزهم.

المصدر: صحيفة الدستور

arabstoday

GMT 05:33 2021 الإثنين ,12 إبريل / نيسان

عن القدس والانتخابات

GMT 04:29 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

بعد العاصفة، ما العمل؟

GMT 05:43 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل و»حرب السفن»

GMT 18:43 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

حتى لا تصرفنا أزمات الداخل عن رؤية تحديات الخارج

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النعمة والنقمة في الاستثناء اللبناني النعمة والنقمة في الاستثناء اللبناني



أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - السعودية اليوم

GMT 07:13 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت
 العرب اليوم - نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت

GMT 13:36 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

ساركوزي يخرج من السجن بعد 20 يوماً بإشراف قضائي
 العرب اليوم - ساركوزي يخرج من السجن بعد 20 يوماً بإشراف قضائي

GMT 21:22 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

جدل واسع في المغرب بسبب التكريمات المتكررة لليلى علوي

GMT 03:55 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الشرع في واشنطن ضمن زيارة رسمية يجتمع خلالها مع ترامب

GMT 22:48 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

أفغانستان تؤكد فشل جهود السلام مع باكستان

GMT 22:52 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 11:15 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

فيفا يطلق جائزة للسلام وسط توقعات بفوز ترامب

GMT 11:55 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

"أوبن أيه آي" تسارع لطمأنة المستثمرين بشأن وضعها المالي

GMT 14:33 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

8 وصفات طبيعية لإزالة السموم ودعم وظائف الكلى

GMT 19:39 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

نقيب الموسيقيين يطمئن جمهور محمد منير على صحته

GMT 07:13 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab