لين هوبدين العجوز

لين هوبدين.. العجوز

لين هوبدين.. العجوز

 العرب اليوم -

لين هوبدين العجوز

بقلم - أسامة غريب

الناس فى بلاد برة يعيشون الحياة ولا يتفرجون عليها.. هذا ما لمسته بنفسى من معايشة الناس فى الغرب، وذلك على العكس من الناس فى بلادنا الذين يخشون الحياة فيكتفون بأن يكونوا موجودين دون أن يكونوا عايشين، فاعلين وشركاء مساهمين.

عرفت «لين هوبدين» فى مونتريال بكندا. كان طاعنًا فى السن. أتى ليقابلنى على المقهى بشارع سانت كاترين، وقد قام بصف سيارته بجوار رصيف المقهى حيث كنت أجلس مباشرة. نظرت إليه فى ذهول لأننى تصورت أنه سيأتى فى سيارة تاكسى أو أن ابنته التى هى جدة لمجموعة من الشباب ستأتى به. هذه هى المرة الأولى التى أرى رجلًا فى هذه السن يقود سيارة. كان هوبدين يعمل وكيلًا إعلانيًا لمجموعة من الصحف الكندية، وكان يشترى الصفحات بالجملة ثم يبيع منها قطعًا وأجزاء لمن يريد أن يعلن عن خدماته وبضاعته بسعر التجزئة، لهذا فقد احتجت للتعرف به حتى يكون بيننا تعاون من أجل الإعلان عن خدمات الشركة التى كنت أعمل مديرًا لها. سألته: قل لى يا لين، كم عمرك؟. قال: كم تظن؟. قلت: أتصور أن عمرك من عمر كندا، ويهيأ لى أنك عبرت الأطلنطى مع ماجلان وفاسكو دا جاما وبعدهما كريستوفر كولومبوس، ولعلك كنت من المساجين الذين أرادت إنجلترا أن تتخلص منهم فأرسلتهم للعالم الجديد. ضحك ضحكة صافية من القلب وقال: ولماذا لا تقول إننى من الأحرار الذين رفضوا ظلم ملوك أوروبا أو ممن ثاروا على طغيان الكنيسة وقَدِموا للعالم الجديد فارّين ببروتستانتيتهم وإنجيليتهم الجديدة!. قلت: لا تبدو لى من ذلك الصنف يا لين.. شكلك يوحى بأنك مغامر ومشاغب وعاشق للأخطار. قال: سأقول لك عن عمرى حتى أريحك.. أنا يا سيدى من مواليد عام 1908 بمدينة كالجارى الكندية. خرجت منى شهقة دون قصد: يا إلهى.. هذا يعنى أنك فى الرابعة والتسعين؟. هز رأسه موافقًا.

عند الحديث فى البيزنس، أدركت أنه شيطان لا يسهل خداعه ولا ينفع التغرير به وإطعامه البالوظة. المهم أننا وصلنا إلى اتفاق مُرضٍ لكلينا وقمنا بتوقيع العقد ونحن نحتسى الميلك شيك على المقهى.

بعد أن فرغنا من البيزنس، مال لين هوبدين ناحيتى وكأنه يهمس لى بسر قائلًا: معى أربع تذاكر للأوبرا حفلة مساء الجمعة. قلت له: ولماذا كل هذا الفرح البادى فى عينيك؟. قال: لأن المحظوظين فقط هم الذين تمكنوا من الحصول على تذاكر لهذا العرض الاستثنائى.. ثم زادت عينيه لمعة وهو يقول: هل تعرف أننى حضرت هذا العرض أكثر من عشر مرات طوال الستين عامًا الماضية، وكانت أول مرة بصحبة فتاة فى عام 1935، والمرة التالية كانت بعدها بخمس سنوات عندما انغمست كندا فى الحرب العالمية الثانية، وقد ذهبتُ للعرض فى الليلة التى سبقت ذهابى للحرب فى المحيط الهادى. قلت له: وهل كنت بصحبة فتاة أيضًا؟. مد بصره للأفق وهو يقول: كنت بصحبة خطيبتى التى صارت زوجتى وأم أبنائى.. ثم تنهد وهو يضيف: ولقد تركتنى ورحلت منذ ثلاثين سنة.. ونكمل غدًا.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لين هوبدين العجوز لين هوبدين العجوز



النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:11 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

أحمد سعد يعلّق على نجاح حفله في أستراليا
 العرب اليوم - أحمد سعد يعلّق على نجاح حفله في أستراليا

GMT 02:41 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

هذه القصة المُحزنة

GMT 00:26 2025 الإثنين ,19 أيار / مايو

غوتيريش يطالب بوقف إطلاق نار دائم في غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab