لبنان يزفّ صباحه

لبنان يزفّ صباحه...

لبنان يزفّ صباحه...

 العرب اليوم -

لبنان يزفّ صباحه

طلال سلمان

وحدها صباح، التي لا شبيه لها ولا مثيل، تستحق عرس الوداع في قلب الفرح الذي تلاقى فيه، أمس، الناس في لبنان، وتابعه جمهورها العربي العريض الذي منحته ومضات من السعادة في ليل أحزانه اليعقوبية.
وحدها الشحرورة تستحق أن يجيء إليها الناس البسطاء الطيبون الذين ظلوا يحسون بانتمائها إليهم حتى نفسها الأخير، ليؤكدوا لها انها باقية في وجدانهم ما بقيت «أوف» الفرح و«يا ليل» الطرب و«آه» الشجن الآخذ إلى النشوة، تسحبهم إليها مسحورين.
وحدها صباح تستطيع تحقيق معجزة كالتي تابعها «الجمهور» بشغف عبر الشاشات، إذ تخلى اللبنانيون عما يفرقهم في السياسة والاقتصاد والاجتماع ليلتفوا من حول هذه النجمة التي أشعت كما لم يشع غيرها وغنت لثلاثة أجيال تنافسوا على حبها واقتحمت قلوبهم واستقرت فيها لا تغادرها برغم تبدل الأمزجة وانطفاء نجوم عصر الطرب الأصيل.
وحدها صباح التي عاشت بالحب وفيه وغنت للحب موالها الذي امتد بامتداد عمرها فلا هي غادرته، ولا هي تركته يغادرها حتى مع اشتداد عواصف البغض والكراهية في الوطن الصغير، استطاعت، أمس، ان تملأ الشوارع بالآتين لوداعها وهم يغنون ويرقصون كما لو انها بينهم تطربهم فتبهجهم وتسعدهم باقتحام قلوبهم ليرفعوا أصواتهم بأغانيها ويعقدوا حلقات الدبكة، تحية لنجمة الفرح التي زينت حياتهم وطرزتها بصيحات «الآه» نشوة وتعبيراً عن سعادتهم بوجودها.
ولقد واكبوها في الرحلة الأخيرة التي استغرقت النهار كله، جماعات جماعات، متجاوزين تخوم الطوائف والمذاهب والعصبيات السياسية، غير ملتفتين إلى نجوم السياسة الذين تكأكأوا من حول نعشها لينالوا الشهادة بأنهم يتذوقون الصوت الجميل واللحن الشجي، في محاولة للتطهر من مجافاتهم لكل ما يجمع ويوحد ويقدم لبنان في صورته الأبهى (التي يتمثلها العرب) والتي تعمل الطبقة السياسية على تشويهها ومحاولة تحطيمها لأغراضها ومصالحها التي صار من ضمنها أسباب حياتهم في الماء والغذاء والكهرباء والدواء والاستشفاء وكل ما يحمي الحياة لأبناء الحياة.
احتشد «الصباحيون» في ساحات القرية التي ادخلتها صباح وجدان العرب جميعاً، ورقصوا وغنوا لها بعض ما اطربتهم به دهراً، من دون ان يشيخ صوتها العذب وإقبالها على الحياة تغبها غباً حتى إذا ما ارتوت غنت فعطشت فعادت تغب من النبع لتنتشي فتغني وتنشي.
وعند باب الكاتدرائية أصرّ «الصباحيون» أن يودعوا صوت الحب بترداد أغنياتها والرقص على إيقاع موسيقاها وكأنهم في عرسها الذي ظل مفتوحاً على الفرح بامتداد عمرها.
..وفي المساء، انتبه الناس إلى ان صباح قد غادرت دنياهم، بينما بقي أولئك الذين لا يحبون فرح الفقراء ولا يطربون حقاً لأغاني الناس البسطاء، والذين كانوا يدعون صباح إلى أفراحهم للتباهي بثرواتهم وليس لكي ينتشوا بالفرح الذي ينشره صوتها مع الهواء طرباً شعبياً أصيلاً.
كذلك انتبه الناس انهم قد فقدوا خلال أسبوع واحد عظيمين ساهما في إغناء ذائقتهم الأدبية والفنية... فهم قد ودعوا عشية مغادرة صباح الشاعر الكبير سعيد عقل الذي فتنته السياسة، في مرحلة من مراحل المراهقة الفكرية فأخذته بعيداً عن دواوينه بقصائد إبداعه المتميز الذي اختط جديداً في عالم الشعر سرعان ما عكس ذاته على زجله الأرقّ من آهة عشق والذي شدت ببعضه «فيروز» فاستولدت بصوتها الدافئ حكايات حب لم يترنم بمثلها إلا النساك الذين منحوا أعمارهم لمانح الحياة المضمخة بآه العشق وحب أبناء الحياة.
صباح: لقد رد لك لبنان بعض البعض مما اعطيت أهله بصوتك الأقوى من الزمن وابتسامتك ولادة الفرح، وروحك التي عاشت بالحب وللحب وفي الحب حتى «الآه» الأخيرة.
شكراً، لأنك احييت لنا يوماً من الطرب وأنت تغادرين في موكب من الفرح شارك فيه أهل بدادون ووادي شحرور الذين أعطوا لبنان والعرب هذه النجمة التي لن تغيب عن الوجدان.

 

arabstoday

GMT 08:00 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الفوسفات والذنيبات والمسؤولية المجتمعية تصل البربيطة

GMT 07:58 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عفواً سيّدي الجلاد

GMT 07:56 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو دلامة وجي دي فانس

GMT 07:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

نزع السلاح أولوية وطنية

GMT 07:53 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الدول الكبرى تُشهر«سلاح النفط» في سياساتها

GMT 07:50 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما يطغَى الفُجور في الخصومة

GMT 07:48 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ما تحتاجه سوريا اليوم

GMT 07:47 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

من الساحل إلى الأطلسي: طريق التنمية من أجل الاستقرار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان يزفّ صباحه لبنان يزفّ صباحه



نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 05:50 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
 العرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 00:27 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود
 العرب اليوم - بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود

GMT 20:17 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يتهم BBC بتزوير لقطات ضد ترامب
 العرب اليوم - بوريس جونسون يتهم BBC بتزوير لقطات ضد ترامب

GMT 22:11 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة
 العرب اليوم - تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة

GMT 05:32 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
 العرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 06:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

إنقاذ السودان تأخر كثيرا

GMT 07:48 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ما تحتاجه سوريا اليوم

GMT 05:32 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 18:03 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 30 امرأة بمسيرة استهدفت "تجمع عزاء" شرق الأبيض بالسودان

GMT 06:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ستة مشروبات طبيعية لتعزيز صحة الدماغ والذاكرة

GMT 03:58 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تطرح مشروع قوة في غزة بإشراف إسرائيلي

GMT 05:50 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 06:47 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ظاهرة فاروق حسنى!

GMT 05:36 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء ديكور يكشفون عن 5 ألوان يجب تجنّبها في خزائن المطبخ
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab