عن الدولة التي لا يعرفها لبنان

عن الدولة.. التي لا يعرفها لبنان!

عن الدولة.. التي لا يعرفها لبنان!

 العرب اليوم -

عن الدولة التي لا يعرفها لبنان

طلال سلمان

نشهد أن مصر بقيادتها الجديدة التي حملتها إلى سدة السلطة ثورتان شعبيتان متعاقبتان في أقل من ثلاث سنوات، وهو أمر نادر المثال في التاريخ المعاصر، قد ذكّرتنا بما كاد ينساه المتقدمون في السن منا وما لم تعرفه أجيالنا الجديدة وهو: الدولة... الدولة بما هي مؤسسات تشريعية وتنفيذية مرجعها الدستور، وقوانين تكفل حقوق أهلها عليها بوصفهم مواطنين لا رعايا...
لقد «تفرّجنا»، أمس، على دولة يستنقذها شعبها من تحت ركام الفساد والاهتراء وامتهان حقوق أهلها وكرامتهم، ثم من حكم التطرف الديني الذي كاد يذهب بوحدة شعبها وبمكانتها في أمتها وفي محيطها الأقرب بل وفي العالم، في الماضي والحاضر ثم بمستقبلها الذي كانت تتهدده الحرب الأهلية.
وبعيداً عن التسرّع في الحكم على «العهد الجديد» في مصر فمن المؤكد أن الفترة الممتدة ما بين 25 كانون الثاني (يناير) 2011 ويوم أمس قد شهدت تطورات هي من الخطورة بحيث يمكن اعتبارها بداية لتاريخ جديد، ليس لمصر وحدها، بل للوطن العربي جميعاً، يتوقف الحكم له أو عليه على ممارساته على الأرض، بعد التقديم الفخم الذي أعدّ له نهاراً في دار القضاء العالي وليلاً أمام قصر القبة في القاهرة.
... أما وأننا مطمئنون، كل الاطمئنان، إلى مسيرة الديموقراطية في لبنان الذي يكاد يكون بلا دولة، فقد تابعنا المشهد المصري بفضول «المتفرج»: فلا حكومتنا التي استولدت قيصرياً، من على بُعد، تستطيع الإنجاز بل يعطل بعضها بعضاً، ولا مجلسنا النيابي الذي مدّد ولايته بلمح البصر بينما يشترك نوابه في تعطيل دوره التشريعي، فإذا ما شرّعوا ارتكبوا الفواحش كما في سلسلة الرتب والرواتب للمعلمين أو في قانون الإيجار الجديد بطرفيه، المستأجرون والملاّك..
.. ومع أننا نسمع ونقرأ عن «الدولة» وأصحابها، في سائر أرجاء الوطن العربي، ولكننا لا نرى منها إلا حاكمها وبعض حاشيته والمنتفعين بسلطاته المطلقة.. حتى لقد صرنا نعرّف الدول بأسماء قادتها الأبديين، ملوكاً ورؤساء منتخبين ولو كانوا مقعدين..
لقد شهدنا، أمس، عملية تسلّم وتسليم الحكم في أعرق دولة في العالم وأكبر الدول العربية أمام قضاة المحكمة العليا في مصر، غاب عنها نفاق «السيد الرئيس خارق القدرات»، واتسمت بالهيبة والإحساس بخطورة اللحظة، ثم تابعنا الاحتفال المكشوف في حدائق قصر القبة في القاهرة، وليس في مكان سري.. وشاهدنا الرئيس الانتقالي يغادر لا مخلوعاً ولا نتيجة انقلاب دُبّر في ليل، ثم استمعنا إلى الرئيس المنتخب يتسلم سلطاته في دولة هي الباقية بكل عراقتها وقدراتها (برغم إفقارها الذي قصد به إذلالها..)، وهو يبشّر الشعب بأن الاضطراب العظيم الذي أحدثه حكم الإخوان والذي كان يهدد مصر بحرب أهلية مدمرة، قد انتهى، قبل أن يصارحه بالظروف الاقتصادية الصعبة والعجز الضخم الذي تنوء به خزينة الدولة والواقع الاجتماعي الكارثي والأزمة الحادة في الطاقة والنزف المريع في الاحتياط النقدي..
والأهم أن الرئيس الجديد الآتي من الجيش قد ركز على حماية الدولة المدنية والحكم المدني وتجديد الخطاب الديني، مطالباً الأزهر، والكنيسة المصرية العريقة، بأن يلعبا دورهما في ترسيخ الوحدة الوطنية وحماية النسيج الوطني الواحد.
ولافت هو النداء الذي وجهه الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى مواطنيه: «أعينوني بقوة..»، مع التذكير بأن العهد الجديد موجود «بفضل دماء أبنائكم..».
كلمات ليست كالكلمات: الدستور، الوحدة، الديموقراطية، التحضر، تماسك الشعب، مواجهة التحديات متوكلاً غير متكل، المصارحة بالحقيقة، حرية الفكر والإبداع، انفتاح مع الحفاظ على الهوية..
ومع أن الرئيس الجديد لم يسهب في الحديث عن العروبة، ولكنه تحدث عن المستقبل العربي المهدد، وعن فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية.
ولافت ما قاله الرئيس المؤقت في خطاب الوداع من أن الرئيس عبد الفتاح السيسي «ليس مديناً إلا لشعبه ووطنه»..
وصعب أن تتسق هذه المواقف المعلنة مع «المبادرة السعودية» بدعوة إلى «مؤتمر للدول المانحة» تؤكد تجاربها في مختلف أرجاء العالم أنها تستبطن رهن مصر لفترة طويلة بعيداً عن طموحات شعبها الذي أمضى أكثر من ثلاث سنوات في الشارع حتى تخلص من الطغيان الديني ومن إرهاب القروض والمنح الأميركية ولو عبر صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي أو كليهما معاً.
ومع اليوم الأول يبدأ الرئيس عبد الفتاح السيسي امتحانه القاسي لتوكيد التطابق بين الكلام والعمل.

 

 

 

 

 

arabstoday

GMT 13:40 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

سؤال الحداثة والعالم الإسلامي

GMT 13:37 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

سوريا… عقدة النظام الإيراني!

GMT 13:36 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

طبيعة الحرب الأوكرانيّة تغيّرت…

GMT 13:33 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

‎خمس نقاط مهمة في كلمة السيسي بالدوحة

GMT 13:31 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

فيلم الماراثون ومخلب دوبلانتس!

GMT 13:30 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

مع الميادين مرة أخرى

GMT 05:00 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

مع تحيات حنظلة

GMT 04:58 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

هناك ما يمكن عمله ضد إسرائيل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن الدولة التي لا يعرفها لبنان عن الدولة التي لا يعرفها لبنان



هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 15:57 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

نيللي كريم تخوض السباق الدرامي الرمضاني 2026
 العرب اليوم - نيللي كريم تخوض السباق الدرامي الرمضاني 2026

GMT 04:58 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

هناك ما يمكن عمله ضد إسرائيل

GMT 05:22 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

توقعات الأبراج​ اليوم الثلاثاء 16 سبتمبر/ أيلول 2025

GMT 18:42 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab